15 يناير 2007

فضيحة مشروبة في الجامعة الأمريكية - الجزء الثاني

فضيحة مشروبة في الجامعة الأمريكية - (تتمة)

هكذا يا أصدقائي لقد آليت على نفسي ان أسلّط الضوء تسليطاً ساطعاً على ملابسات الفناجين المفخخة ، عسى ان نكتشف هوية المتورطين ... فاذا برسالة مشبوهة تقع امامي وعليها مكتوب اسم "الحاكم بأمر الله" وهو اسم مستعار لا ريب ... ثم ما ان فككت رزمة الأوراق تأهبّاً للانغماس في القراءة والتحليل حتى اصطدمت بحروف حمراء قانية تشرب الى الصدأ ، تصرخ في وجهي وكأنما يصيح رأس مبتور لتوّه : "انتظر! الموت عليك مكتوب!" ... لمن هذا الدم؟ تصاعدت من ألياف الصفحات المخضّبة رائحة كريهة توحي بالضحية المفقودة ، شخص آخر لا ريب قُتل ونُزف دمه من أجل تأليف هذه الرسالة المخيفة ، أجل تخيفني وتضطربني رغم أنني كنت أتوقع شيئاً من هذا القبيل ، إذ لا بدّ لقد مسست بالوتر الحساس من خلال بحثي هذا . لا بأس . الآن ، يجب عليّ أن أتّجه الى المعامل الجامعية ، عسى أن تدلّني على معلومتين مفيدتين : الأولى تتعلّق طبعاً بنسب الدم ، أمّا الثانية فما هو آخر شيء شربه الفقيد قبل أن مات؟ سيضطرّني هذا المسلك الى تبنّي كافة أنواع التحفظ والاحتياط ، فضلاً عن جهود التنكر والتموه اللازمة . كيف لا ومثل هذه الأمور من شأنها أن تثير الشك والريب عند المختبرين ، فيذهب أحدهم الى إبلاغ شرطة الآداب تنفيساً لغيرته وإحباطه الشخصيين . ويبلغ الشرطة بماذا؟ لعله يتخيّلني على علاقة خاصة بل وحميمة مع الحياة ، بحيث أتعرض لكل أنواع الحرام وألوانه ، خاصة لونه الأحمر ، لكنه لا يدرك أهمية مهمة التحقيق ، والسعي وراء الحقيقة كل الحقيقة ، وأن كل هذا من شأنه أن يرمي بالمرء الى هوّات مظلمة لا قبل له بها ، أجل هذا ولا يعرف أيضاً تقدير القهوة ، وأنني سأشرب فنجاناً تلو فنجان وأنفه صاغر ... هه ؟ لماذا لا أشك في أن أحداً مثل هذا المختبر الساذج البليد هو المسؤول عن جريمة الفناجين المغشوشة ، فمن المعقول جداً مثلاً أنه خطط تخطيطاً وتحايل تحايلاً حتى أجد نفسي مضطرّاً الى اللجوء الى خبرته وخدمته في التحليل والاختبار، فينال مني على حين غرّة . لكن لأ - لن أشغل بالي بهذه الوساوس والأوهام ، فبها ينساق المرء في نهاية المطاف الى الهزيمة واليأس ، وعليّ أن أصبر لا أكثر ولا أقل ، حتى أقبض على "الحاكم بأمر الله" هذا ، وأرمي به الى المعتقل .

و بغتة تراءت اليّ الأمور بوضوح : الحاكم بأمر الله رسالته هي الوهم ، لم تصل اليّ ولم يهددني بها ، لا الدم واقع ولا الورق ، انما هو البوليستايرين الذي قد انقضّ على عقلي ببراثمه، وهزّه هزّاً فجنّ جنوناً ... ايه والله هذا العدو عدو صعب ومستعصٍ ، له حيل ومكائد لم تخطر لي ببال . الفنجان الدجّال من اللازم أن أتخلص منه ، فأحرر نفسي والقهوة على السواء.