19 أغسطس 2008

الشجرة الآكلة للحوم البشر \ النشاز الفكري

الشجرة الآكلة للحوم البشر


من الخرافات الأكثر إثارة للقهقهة المترامية الأصداء تلك المترددة حول الشجرة العظيمة، المتشعبة، الممتدة الفروع، مثلها مثل الأخطبوط، براعمها أقرب ما تكون الى براثن الوحوش المفترسة، تلتهم البشر - أشرف ما خلق الرب - التهاماً ينقصه الشرف، والمجد. أما أراضيها المعتادة، فبالطبع في أرجاء قصية لا تخطوها الأقدام إلا نادراً، ولكن المعروف، المسجّل، أن هذه الأقدام لا تحملها سوى الجزمة القديمة، أو بالعكس - الأقدام هي التي تقود الجزمة، وهو الأرجح. عسى أن تكون هذه الأقدام ممتلئة، تنتمي الى شخص ممتلئ، متختخ، مجعلص، شخص ملو هدومه وأكثر، ان جاز التعبير. أصل الشجرة الخرافية دي متشبعش الا لما تبقى عندها فريسة كبيرة حاكم الظروف كده الشجرة ماتلقاش فريسة بسهالة.

طبعا هناك ما يسمى بخناق الذباب، زرعة يعني، بتاكل الحشرات. لا حول ولا قوة الا بالله.

النشاز الفكري

وأنا قاعد بكلم صاحبي، وجمبه صاحبته، قاللي ايه، لأ مش هو اللي قال كده انما صاحبته، صاحبته راحت بتكلم عن الناس اللي ما بيعرفوش بيكلموا دوغري وصحيح، يعني عمالين يرغوا حاكم مش لاقيين الكلمات اللي هما عايزينها، يروحوا يكلموا لغاية ماتلاقوا الغرض، المهم، والفكرة الأساسية. قالتلي انه الناس دول عندهم حاجة اسمها النشاز الفكري، مالهمش تركيز، ويبقوا صعبانين شوية، مانقدرش نستحملهم.
مش عارف ايه اللي خلاها تفكر في الموضوع ده.

17 أغسطس 2008

تباشير الأمل وبواكير الحَبَل

تباشير الأمل وبواكير الحَبَل


ربما أتفاخر بكوني من القلة القليلة التي ما زالت تنصر التواضع من دون سائر القيم. آه مانا عارف، التفاخر بالتواضع شيء يصعب استيعابه ويتعذر هضمه، ولكن المهم أن تعرفوا انني أعز التواضع وأعتبره من أكثر القيم غياباً في مجتمعاتنا اليوم ومنذ زمن موغل في القدم... سأضرب لكم أمثالاً عديدة لذلك في وقت لاحق، لكن يكفي القول هنا أن تواضعي هذا يولّد التشاؤم ويمنعني من الادّعاء، ورغم ذلك سأدّعي بل سأصرخ بأعلى صوت: النصرة آتية! فانتبهوا.

ذلك أنني لا أستحي أن أقول انني فرحت فرحاً متواضعاً عندما بلغنتي الأخبار المستمرة عن ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة، مما شجّعني على التكهن بتباشير الأمل وبواكير الأمل، ومن ثم القبول بفكرة غير متواضعة وهي وصول النصرة عما قريب.

اذ أن الارتفاع في أسعار النفط يؤدّي أول ما يؤدّي الى هلاك ما لم يكن أصلاً مستحقاً بالوجود، أي ضواحي المدن على الطراز الأمريكي.
الضواحي: ما هي بمدن وما هي بأرياف.
هي لمبوس، كائن شاذ، لا انتماء له ولا ولاء سوى لقوى الاستهلاكية الكبرى.
بيوت منعزلة عن بعضها البعض رغم تشابهها التام، فهي مصوغة من قولبة واحدة لا تتغير ولا تنحرف، حتى يضطرّ المسكين الساكن فيها الى أن يتساءل: هل أنا هنا، أم هناك؟
استحالة يا ناس أن تصلوا فيها الى أي مقصد من دون الاستعانة بسيارة كبيرة، ملوثة.
سيارة النفط والانحلال!
هناك في الضواحي، لا أمل للرغبة ولا قبول - سوى لرغبة الإسفاف وأتفه الأهداف.
احتكارات، شركات تعيث فساداً لا تلوي على شيء ولا حتى جثث الحيوانات الضالة وغير الضالة. مطاعم ومحلات في كل مكان هي هي. عقم، عقم شديد البأس. تحفظ ضال في عادات وتقاليد لا تلد ولا تولد وليس في صلبها أحد.
عناصرها ومكوناتها لن تجد فيها غير الخرسانة والورق المقوى ومواد أخرى لا تسمّى ولكنها حتماً تدمر الصحة وتسبب السرطان.
تنتشر انتشار العدوى الفتاك، تتفشى، تستشري بلا هوادة. تخنق حياة المدن وتشنق الأرياف.

فلا دمعة تراق من أجل ضياع الضواحي على الطراز الأمريكي، أما أنا فمبسوط في الأمصار الغاصّة بالسكان، فيها الرفاق والاتصال بالبشر، والثقافة، والخصوبة (و من ثم كلمة "حبل" اللى حطيتها في العنوان).