31 أكتوبر 2009

عودة على ذي بدء

عودة على ذي بدء

قد يتهيّأ للزائر أن الحرّ الفقير مولع، متيّم، بكتاب من الكتب بعنوان "رامة والتنين " للمؤلّف الكبير إدوار الخرّاط. ذلك لأنه قد يلمح الى بعض ما أشرت اليه في وقت سابق بمناسبة صدور قراري التنظيمي الهامّ، والذي مفاده كان الإعلان عن إلصاق صورة التنّين على بنديرة هذه المدوّنة المتواضعة.

وصورة الغلاف، بالكامل، كما يلي:

ولن يخطئ الزائر في ظنّه هذا، الا أنه ظنٌّ يفتقر الى شيء من المعرفة والحقّ. فلا شك في أن هناك ما يشدّني الى هذا الكتاب – كأنما طاقة خرافية ملؤها الرعد والبرق واليود.

لكن ما خفي كان أعظم.

اذ ليس ما يربطني بهذه الرواية علاقة سطحية من النوع "أفضل كتاب قرأته في حياتي" أو ما شابه، إنما هناك ما هو أعمق من ذلك، وأكثر سطحية في آن. فالأطرف، والأنكر في الأمر كله، أنني لم أقرأ هذا الكتاب - ولا في يوم من الأيام ولا في وهم من الأوهام.

لذلك قد يبدو غريباً، وربما مزعجاً، أن هذا الكتاب إنما يلعب دوراً كبيراً في صيرورة الكون العظمى، وديمومة الأحداث الحسنى. ولهذا القول تفصيل.

أذكر أولا أنني في يوم من الأيام قصدت صاحبة الجلالة، خادمة اليمنين السعيدين، صديقة ما صغر ولطف من الحيوانات البرية والمخلوقات البحرية، ملكة سبأ المعروفة ببلقيس بنت فوزية بنت أم هاشم آل الثاني المكتوم. وذلك بمناسبة أول إبحاري في الروايات العربية المعاصرة. فلقد جئت، باختصار، من أجل طلب رأيها في الأمر، عسى أن أهتدي الى شيء من الأدب المفيد.

قالت صاحبة الجلالة: أوصّيك بروايات ثلاث عليك مطالعتها في بحر الصيف المقبل..

أما الرواية الأولى التي وصّتني بها صاحبة الجلالة، والتي تعبّر بلا شك عن ميلها العظيم الى الذوق الكلاسيكي بشكل عام، والطعم المحافظ التقليدي منه بشكل خاص، فكانت " مرايا " للمعلّم الأوّل نجيب محفوظ.

أما الثانية، فكانت "موسم الهجرة الى الشمال" للكاتب البارز الطيب صالح.

قالت صاحبة الجلالة: ستعجبك هاتان الروايتان، فإنها تناسب مستواك اللغوي قبل كل شيء. أما الرواية الثالثة...

وهنا توقفت عن الكلام فجأة، ثم استطردت قائلة:

لا بلاش..

قلت: قولي يا ستي ربنا يخليك.

قالت: ممممم.. طيب. اذن، هناك روائي مصري من الطراز الأول، يسمّيه البعض إدوار الخرّاط. تفوح منه روائح راقية، كما أنه مناضل سابق معروف قام ضد الإنجليز المحتلين. ولقد صدرت له رواية بعنوان "رامة والتنين " وهي من بين ما قرأت أيام شبابي الأولى في بساتين القاهرة الشهيرة. فيها ما هو شيّق، وفيها ما هو .. مبهم. خفت أسأل الأهل عن بعض الجمل الصعبة.. رواية فزيعة كده. تقراها انت لما تكبر!

خضّتني الجملة الأخيرة.

- لكني مستعدّ الآن أيتها الشيخة! (كدت أن أصرخ)

أدارت وجهها الى أعلى بشيء من الاسنتكار، نافثة تجاهي سحابة استمدّتها بقوّة من سيجارتها الأنيقة الطويلة. كالتي تقول: اوفت.

هكذا ودّعتني الملكة سبأ، محذّرة إياي، ملفتة انتباهي الى شرّ ما يربض في هذا الكتاب، فكان الممنوع مرغوباً.


لديّ نسختان من الرواية إياها، الأولى الصادرة عن دار الآداب البيروتية، جلبتها بشيء من الاستشراقية من المكتبة الألفبائية الواقعة قبالة الجامعة الأميركية في شارع بليس.

حدعش دولار!

خدي يا مدام!

ثانك يو.

تمت عملية الاقنتاء.

أمّا النسخة الثانية، الصادرة عن دار المستقبل المصرية بمطابع القاهرة والفجالة، فلقد جلبتها بقدر أكبر من الاستشراقية من مكتبة دار المستقبل الواقعة في أعالي شارع صفية زغلول بالإسكندرية. إن الزائر اليها ليجد فيها كومات من الكتب، بعضها منتاثرة وبعضها متناسقة، تطغى عليها مؤلّفات المشاكسين القدامى أمثال: الدكتور فرج فودة. والدكتور سلامة موسى. والدكتورة نوال السعداوي. ثم الأستاذ صنع الله ابراهيم، فضلاً عن الساحر الكبير ذات نفسه: إدوار الخرّاط. وغيرهم.

دخلت ذات يوم باحثاً عن بعض ما فاتني من رونق النضالات المكسوّة بالغبار.

راح فين؟"

دهوه"

كتب قديمة؟"

آه شكلها كدا"

التفتّ الى مصدر الهمسات الخفية، فوجدتها صادرة عن شابين عشرينيين متداخلين في بعضهما البعض. خرجت من المكتبة بعض الاطلاع على بعض الأغلفة الخرّاطية، التي يرسم أغلبها الفنان المعروف عدلي رزق الله. عبرت الشارع بخطوات متّئدة، من دون أن أصطدم بسيارة من السيارات.

وأنا أمشي الهويدى، مواصلاً مشواري، اذ انتبهت الى من يتّبعني. توقفت فجأة كي أتحقق في الأمر.

“...ممكن نتعرّف؟" قال.

فيه حد حاشك؟" قلت.

تعارفنا على بعضنا البعض، فعرفت أن هذا الرجل اسمه أحمد، وهذا الرجل اسمه إسلام. عندما تقابلنا بعد ذلك بأسبوع، على كورنيش البحر بحيّ لوران، أصبح أحمد اسمه إسلام وإسلام أحمد. إلا أني لم أبالي كثيراً بذلك. فما الأسماء إلا إشارات شكلية تميّز هذا عن ذاك، تم الاتفاق عليها في ظروف اجتماعية معيّنة ما أسهل تفكيكها وفضحها. إنه نظام مبني على الاختلاف، أي التمييز. ومنه المعاني الكبرى.

تقصد ايه بالظبط؟" قال أحمد-إسلام. وقد تركنا إسلام-أحمد.

قصدي مش عارف. يعني ممكن لو تحب نروح السيما، ولا نروح حتة تانية مش فارفة معايا.”

لا مش قصدي كده. قصدي يعني، عندك شقة ولا نازل في فندق؟"

عندي شقة، عندي فندق، عندي بحر. والبحر أمامكم والعدو خلفكم. أما التبن والشعير فاعطيه لحلفائكم.”

والله مش فاهم حاجة.”

عندئذ، أدار رأسه الى أعلى بشيء من الاستنكار، فنفث تجاهي سحابة فضية استمدّها بقوّة من سيجارته الأنيقة الطويلة.


عدت القهقرى الى مكتبة دار المستقبل الواقعة في أعالي شارع صفية زغلول الموقّر، وخبأت نفسي في ركن مظلم من المحلّ محاولاً الاتصال بصاحبة الجلالة بلقيس.

الرقم الذي طلبته غير متاح موقتاً. يرجى إعادة المحاولة فيما بعد.”

اللعنة. يبدو أنها تسهر سهرة ملعلعة مع الملك سليمان، الملمّ بلغة الحيوانات كافة.

الرقم الذي طلبته غير موجود في الخدمة..”

حسبي الله ونعم الوكيل. طرحت الموبيل على الأرض ودهسته عدّة مرّات بشبشبي المهترئ. فيما بعد، أهديت نسخة من الكتاب الى صاحبي أحمد، فقال لي بعده "إدوار خرا" و"يطنب" وما شابهه من نقد لاذع للمؤلّف. لكنني أصررت عليه أن يحتفظ به، اذ أنه يعتبر من الوصايا الثلاث، المكرّسة من قبل صاحبة الجلالة ذات نفسها.


24 أكتوبر 2009

يا دولة الريّس

يا دولة الريّس

قال الجاحظ نقلاً عن الزهري: إن سمعتَ أدباً فاكتبه ولو في حائط.
ولعلّه أضاف، لولا أنه توفّي الى خالقه من زمان مضى وانقضى: اذا ما تجوّلت في حواري أوستن العريضة، فقم بمطالعة حيطانها الناطقة.

سمعاً وطاعة يا معلّم.
أو قد نقول: من عيني دي قبل عيني دي. ثم بالعينين كلتاهما.






















" يا سيّدي الرئيس: ماذا عن الشواذّ ؟ "

اعرفوا أوّلا أن المدن الأمريكية ليس لها حواري، وبرغم مما شاع عن مدينة شيكاغو خاصة فإنها تتمتّع بشوارع عريضة منفتحة زي الفلّ، شوارع مفشوخة للتنزّه والتسوّق، لا تنسدّ ولو أقيم ألف حاجز. وهذا الواقع الهندسي كما أظن، يميّز المدن الأمريكية الكبرى عن أخواتها الحضارية في بقية أراضي المعمورة ككل. وهو الواقع الذي يصدّ للقلقلات والزعزعات على أنواعها، ويحافظ على استقرار البلد على المدى البعيد. هذا لما يكون للشوارع من فراغات يصعب سدّها، وفتحات يتعذّر عرقلتها. فإنك اذا أردت تحقيق هدف من أهدافك الثورية، وقصدت هزهزة ركن من أركان البورجوازية، اذن عليك القيام بما يلي:

ألفاً) الإمساك بكتابك الأحمر المفضّل (هنا يصعب الاختيار بين هذا وهذا)
باءً) النزول الى الشوارع
جيماً) تعطيل السير

والمرء اذا اتّبع هذه الخطوات بجدّية سيصل الى لحظة يدرك فيها استحالة تنفيذ (جيم). وهذا، بكل بساطة، يرجع الى الهندسة المدنية الأمريكية التي تميل أكثر ما تميل الى الطول والعرض، دون التقشّف والاقتصاد. فاذا كنت تقرأ هذه السطور وانت في شيكاغو، سيحدث ما يلي:

أولاً) ستمسك بكتابك الأحمر المفضّل (بسيطة وفهمناها)
ثانياً) ستنزل الى جادة ميشيغان المضيئة
ثالثاً) ستدخل محلّاً من محلّاتك المفضّلة، وتشتري بعضاً مما يحلو لك
رابعاً) ستركن عند أول ستاربكس تصادفك، ثم تفتح كتابك الأحمر وبذلك تلمّ بتفاصيل الثورة الاشتراكية، بالإضافة الى الشيء الكثير من دقائق اللغة العربية

وبذلك تكتسب شيئاً من الثقافة، بينما تشعر بتأنيب الضمير لانحرافك عن النشاط الثوري المباشر. ثم تلعن الهندسة التي أجهضت الإمكانيات اللانهائية.

لكنك لست في شيكاغو، فاحمد ربك على نعمته. وحتى لو كنت في شيكاغو، وربما تكون كذلك، فهذا ليس قضيتنا اليوم للأسف الشديد، إنما قلنا أوستن وحيطانها. ولهذا الكلام إفاضة.

فإن المرء اذا ما قام وتجوّل في شوارع أوستن العريضة - التي اتفقنا أنها ليست بحواري - فإنه قد يلفي نفسه منشغلاً ببعض ما ازدانت به حيطانها. ومنها ما تكلّس جبصه، فتبقّع وجهه وتسكّرت بعض ملامحه، إلا أنه ما زال حاضراً، متقدّماً في رونق الأصالة المجروحة، المهدّدة. ولأن مدينة أوستن هي مدينة الهيبستر فلن تجد مثل هذا الشعر الذي يبزّ عواطف وحنين، إنما ستجد ألوان العنف والحقد قد لُطّخت هنا وهناك، وقدراً كبيراً من مخربشات الدهان الرخيص، غير المرخّص. الكثير ينزعجون من الهيبستر، فيُروى على سبيل المثال أنهم كانوا في الأصل عبارة عن ثوريين حقيقيين، همّهم الأول والأخير الهجوم على الشللية والنخبوية أينما وجدوها. إلا أنهم مع مرور الوقت، وتكلّس الأحوال، صاروا جزءاً من المجتمع الأمريكي المعتاد، اعتزلوا وتعصّبوا فاستحالوا الى طائفة من الطوائف المعروفة.

إلا أن الهيبستر ليسوا موضوعنا اليوم، للأسف الشديد.

ولا أعرف، على كل حال، إن كان واحد منهم من رسم الصورة أعلاه، بل أشك في ذلك، اذ أنهم كثيراً ما يقال عنهم أنهم يهتمّون بالحقد من دون التغيير، والمزيكة الصارخة دون السياسة ومصالح الوطن العليا.

اذن، فبينما أنت مطّلع على اللوحة المخربشة إياها، تشعر بأن هناك من يقترب منك من وراء. بل إنك لتشمّ رائحته قبل أن يتبيّن شكله، وعندئذ ستدرك أن هذه الجثّة العملاقة، المتلصّصة الفوّاحة، ألا وهو داوود الوحش، أحد سكان هذا الشارع المعروفين. لكن يجب الانتباه. اذ داوود الوحش هذا، الذي يكون بلا شك من بين الوجوه الصباحية المعتادة - التي تصادفك عند ذهابك اليومي الى الجامعة - ليس وحشاً حقيقياً، إنما هذا مجرّد لقب اختاره داوود لنفسه. فإن داوود الوحش، في الواقع، إنسان لطيف، يسرّ أكثر مما يضرّ، كومة مرحة من اللحم والدم، دائماً ما يكتسي ذاك القميص الملوّن الفاقع، وفي يده لافتة كتب عليها، مثلاً:

" إن الله هو المحبّة، إلا إن كنت من غير المسيحيين "
أو
" دع عنك لومي فإن اللوم إغراء "
أو
" ابتسِمْ ، فإنه ينفع أكثر مما يضرّ "

ونحو ذلك. وأنا أذكر داوود هنا لما حدث بيني وبينه منذ أسابيع قليلة. فإني لأزعم أن داوود الوحش - وعلى الرغم من مروري أمامه ما يزيد عن مرّتين كل يوم منذ حوالي سنة - قد انتبه أخيراً الى وجودي أنا. فإنني بعد أن كنت منشغلا بتأمل الصورة أعلاه، التي تزدان بها احدى حيطان أوستن المتجبّسة، أخذت في مواصلة المشي على الرصيف ناحية الشمال. عندئذ، عندئذ فقط، لاحظت داوود ذات نفسه على مقربة مني، وهو جالس منجعص تحت شجرة بلوط. التفتّ اليه، وقد صدر منه الشيء القليل من الرطانة والهلضمة غير المفهومة. أجبتُ أنا بمثلها - وهذه لهجة أجيدها - وتبادلنا الابتسامات. ثم كمّلت مشواري.

يقال إن داوود يعاني من مرض نفسي ما، أظنّه الانفصام الذهني، وهو من شرّ ما قد يصيبك من داء. لكن المؤكد أن هذا مجرّد تصنيف ينقذ البورجوازيين من قلقهم والإحساس بالذنب. هذا البشر يذكّرني بصاحبي توماس، الذي قرّر ذات يوم أن يتعرّى تماماً من لبسه، فتجوّل متهرولاً في شوارع بلومينجتون - الواقعة في سهول ولاية انديانا. ولماذا يحتاج توماس الى اللبس، قيل، وهو النبي آدم عليه الصلاة والسلام، قد سكن الجنّة مع صديقته العارية هي الأخرى. لم يقبل ضباط المطافئ هذه الحكاية منه، فقبضوا عليه ورموه في السجن. الآن، توماس كثيراً ما يوصلني الى مكان ما وأنا في شيكاجو، يقودني في سيارته الى مطرح ما بدّه.

أدرك عند هذه النقطة أنني قد سهوت تماماً عن صورة أوباما وعلاقته بالشواذ جنسيا. كما أني قد سهوت أيضا عن المخربشات والفنون المتعلّقة بها في أراضي أوستن الوعرة، وغير الوعرة منها. فلهذه السيرة استئناف فيما بعد.

20 أكتوبر 2009

مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية (4)

مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية (4)

انحلال جماعة "مدونين من أجل الغموضية الإرهابية" وإماطة اللثام عن المشاركين المتورّطين

صدمة كونية عظمى تهزّ أركان المحروسة بأكملها

كفر الدوّار - وكالات أنباء:

فاجأ الزعيم الروحي لجماعة "مدونين من أجل الغموضية الإرهابية" شعوب العالم بإعلانه أمس الأول عن انحلال الجماعة المذكورة والكشف عن قائمة المتورطين فيها.

فلقد تم إلغاء الجماعة إثر صدور كلمات بسيطة من دريدا أطلقها بشكل عفوي قدام الصحافيين إذ قال:

" ما فيش حاجة اسمها مدونين من أجل الغموضية الإرهابية" وسكت.

ثم جعل يهرش أعلى قذالته وأخذ في الدوران حول المنصّة بحركات رقصية ملتوية تفوق كل وصف.

فارتبك مراسلنا وهو يسجل هذه التصريحات إلا أنه راجع ما قد كتبه في كراسته فوجده سليماً لا تشوبه شائبة.

وأوضحت جياتري سبيفاك، رئيسة فرع المستضعفين في الأرض الذين لا ينطقون المنتمي الى التنظيم الزائل، تصريحات الزعيم قائلة:

" نحن في الواقع مجرّد مجموعة من المدوّنين، لا نملك من الغموضية شيئاً. أما معرفتنا بالإرهابية فضيّقة عند أحسن الأحوال. وعلى الرغم من كثرة العبوات الناسفة التي زرعناها، وعدد الدالّات العائمة التي حفرناها في الطريق، فلا من غمض ولا من رهب. غموضية ايه وبتاع ايه؟ الناس مش لاقية حاجة تاكلها"

فانتبذت جياتري جانباً وبلعت ريقها، ثم خلعت جلدها الفضائي وعرفنا أنها هي - بل هو - إنما مجرّد مدوّن من المدوّنين، الذين ينطقون زي الفلّ.

لكن ما خفي كان أعظم..

19 أكتوبر 2009

مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية (3)

مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية (3)

تسلُّل الجواسيس الى مجالس التنظيم
تفكيكات متفرّقة تستهدف معاقل حزب أبي حسن
قوات الأمن تطارد الفلول

دريدا يشدّد: لا تسوية على شروط المرتزقة والخوارج

المجمّع الخامس - وكالات أنباء:

في الوقت الذي تحتشد فيه قوات الأمن جنودها من أجل محاصرة التنظيم المسمى (مدونون من أجل الغموضية الإرهابية)، بغية اجتثاث أعضائه المجهولين والقبض على زعيمه الروحي جاك دريدا حياً أو ميتاً، فإن التنظيم قد انتبه الى تسلل بعض عناصر الشرطة الى المجالس المباركة المفتوحة على عامة الناس ورعاعهم، فقام على الفور بإنشاء محاكم طارئة ذات طابع كوني من أجل غربلة الموالي من المعارض، والصادق من الخائن، ولقد حصل التنظيم على اعترافات مبينة تنسب الجواسيس الى حزب أبي حسن، المأجور من قبل السلطات الشرطجية.

وقد أعرب أيمانيول كانط، المتفذلك الرسمي للتنظيم، عن استيائه الواضح، قائلا:

" لكل شيء صفتان اثنتان لا ثالثة لهما: ثمنٌ ، وكرامةٌ. أما الثالثة فإنما هي الشيطانْ."

ولقد اعتبر متابعو الفكر الغموضي هذا القول تصريحاً جلياً مفاده كالتالي:

" كرامتنا قد سُلبت منا، وعرضنا قد سُحب من تحتنا، والذي أُخد بالقوة لا يُردّ إلا بالقوة."

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، لقد عثر التنظيم على أبي حسن زعيم حزب العسس المرتزقة ذات نفسه، فبينما هو يهمّ بالهرب إذ انقضّ عليه المحقّقون فقيّدوا يديه بالحديد الصدئ وصلّبوه على كومة من العملة المهترئة، ثم خوزقوه بلذّة وبطء على مرأى من الكلاب الضالّة، ففتحوا مصرانه لأصناف الهوامّ والجرذان. وقد نجح المحققون في إنطاقه قبل نزول روحه الى جهنم، إذ قيل إنه نفى أي ربط بينه وبين جريمة اغتيال الرئيس الشهيد أنور السادات ورفقائه الأبرار، رغم شدة الحقد وقبح الأقوال بينهما في الآونة الأخيرة.

أما بقية الجواسيس فقد أعدموا عبرة لمن يعتبر.

ورزقنا عند ربنا لا غير.

17 أكتوبر 2009

تحديث - مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية

تحديث - مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية

ورد الآن، قبل الغد:

أيها الإخوة والأخوات، أينما كنتم فاختشوا واعوا،

أمّا بعد،

إن جماعتنا المباركة المظفّرة، جماعة الظلام والحقد والغذاء،
مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية،
تنشر هنا البيان التنظيمي الهام، من أجل دحض الإشاعات في مهدها، تفنيداً لما ورد في بعض صحف الجهلاء،
صحف الشكّ والرياء والخداع،

إننا اذن لنبلغ الجماهير العريضة، بعدم صحّة ما أتى من إدّعاءات البعض،
فنرفض رفضاً تامّاً الأخبار المتداولة في الساحة العامة،

التي مفادها كالتالي: لقد انضمّت الى حركة " مدوّنين من أجل الغموضية الإرهابية " خلية راديكالية يزعمها المدعوّ إميل عقرب،

اعلموا أيها الأخوات والإخوة أن هذا الخبر ليس سوى ضربا من الكذب والافتراء،

روّج له أولئك الذين بقلوبهم مرض وزيغ وسمّ،

فإن انضمام مثل هذا الشخص الى جماعتنا يعتبر من رابع المستحيلات، وذلك لسبب:

إن الذين ينضمّون الى جماعتنا ليتّسمون بشيئين اثنين لا ثالث لهما: الغموضية،

والإرهابية
.

أمّا الغموضية فموجودة لدى الأخ اميل عقرب، أما الإرهابية فمعدومة آخر عدم!
فلاحظوا على سبيل المثال كيف حاول الغموضية، غير أنه لم يرتقِ الى مستوى الإرهابية، في سياق تهديده السافر للمسلّم التنويري الأول:

إن الأرض مكوّرة.

فهو ليس كذلك للأسباب التالية:

"الأرض، كما يقول الألمان، هي الأرض - إلا أنه علينا أن نميّز بين ما هو الأرض، وما هو الأرض الدنيا، الشاملة، التي قد تعرّف بأنها طين وعالم وإنسانية مجرّدة، في الآن التي تقترب كل الاقتراب من مادية استيطانية تفوق كل خيال! "

وهذا منطقي، من وجهة نظرنا، اذا ما طبّقنا ما ورد على لسان إلين فان وولد، العبقرية الانتهازية الأخيرة:

" إن الله لم يخلق السموات والأرض، إنما فصل هذه عن تلك "

وهذا يبرّر لنا المعجزة الغموضية الناجحة التي أدّاها المدعوّ إميل عقرب، إذ حلّق في الأولى من دون الوصول الى الثانية. فإن لله في خلقه شؤون.

ولم تقف محاولة إميل عقرب عند هذا الحدّ، بل ذهب الى تزوير العلاقات الرابطة بينه بين الأب دريدا، برّد الله ضريحه وأسكنه أوسع جناته، الزعيم المؤسس لجماعتنا، وذلك لقوله تعالى:

" إن الأرض لماعون أكبر "

وما تلى ذلك من آيات مقدّسة.

أيها الرفقاء: إن إميل عقرب هذا ليس عضواً في جماعتنا. وإنْ قال:

" الموسيقار الشهير، بيتهوفن ، قام دون غيره بالتعرّض الى قضية الاونتولوجيا، وذلك من حيث الذاتية "

وغيرها من حلو الكلام.

إلا أننا نفرح أيما فرحة لانضمام الأخ الحي الميت، إيمانيول كانط، الى طوايا مشروعنا الإلهي والصالح!
وهو سفاك جزار لا يتكلم سوى لغة الدم!

أيها الإخوة الأخوات: لقد ماجت الأراضي بالدماء وتدفّقت من كهوف الأعداء!

تم نقل البيان.


04 أكتوبر 2009

مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية

مدوّنون من أجل الغموضية الإرهابية


Bloggers for Terrorist Obscurantism

[Les blogueurs pour le obscurantisme terroriste]


أيها الإخوان المناضلون، أيها الرفقاء المكافحون،

أينما كنتم فاختشوا واعوا..

أمّا بعد، أمّا بعد،

فاعلموا أنه قد لبث في بواطننا عطش أليم، كما سبح في دواخلنا ظمأ عظيم:

شهوة لاهثة لن يرويها إلا الدم!

علينا يا إخوة بدماء الذين تخلّفوا من البنيويين والشكلانيين وأنصار التنوير..

ولنبعث في قلوبهم الشكّ والزيغ وأشكال الإبهام، فنسحب على أبصارهم غشاوة النصّ وعلى عوراتهم ورقة التفكيك،

ثم لنزرع في حقولهم الملح وننزل في حدائقهم القحط والجدب والفاقة والجفاف، فلا يبقى من الشجر والبلح والبقل والطلح إلا الظلال،

وذلك وفقاً لما كتبه دلوس الونّوس في كتابه « تفضيل الفُطْر على الجذر »

ها هي الطلقة النارية الأولى لحملتنا:

رصاصة أطلقها دريدا ذات نفسه!

" اذ لا يكون ترقّب المستقبل والدعارة بشأنه إلا باعتباره شكل وأشكال الخطر المبين. فإنه الشيء الذي ينبذ العادات المتكوّنة نبذاً تاماً، بل لا يتم الإعلان عنه، التقديم له، إلا باعتباره وحش من الوحوش!"


كما أنه يبهجنا أن نعلن عن ضحيتنا الأولى، فنبلغكم بنجاح عملية اغتيال مدّعي الفلسفة جون سيرل، كبير دجّالي معسكر المعاداة للفرنسية، المسؤول الأول عن اغتصاب آبائنا الروحانيين وهتك حرمة بيوتهم في دهاليز كلية فرنسا العليا،

هذا بعد أن ملأنا محرّك سيارته بشتّى فصول الريزومات وشحنا سلكياتها الداخلية بالتناصّ المسموم، الأمر الذي عطّل فراملها وهو يقودها بسرعة واستهتار أثناء رحلته الصباحية المعتادة على كبري مايو، فانحرفت عن السكة وغرقت تحت أمواج النيل المتعبّبة. ويخمَّن أنه يرقد الآن في بقعة متوحلّة من النهر المذكور على مرمى حجر من مسجد إمبابة وملهاة "السلطانة" الشهيرة..

ويؤكد بعض من شهود العيان أن السيد جون تصرّف خلالها بهدوء تام، فتحلّى بالصبر وسلّم أمره لإرادة خالقه الذي اليه هو راجع..

غير أن البعض الآخر يقسمون بأن المتفذلك الأمريكي قد انتابته حالة فزع شديدة أدّت الى نوبة صرع هائلة أرعبت السيدات وأبكت الأطفال فتفصد الزغد من فمه وزاغت عيناه آخر زوغان..


وهكذا فحيّاكم الله جميعاً وعزّز خطواتكم وأهداكم الصراط الحميد،