30 سبتمبر 2011

استنشاط القارئ ببعض الهزل

استنشاط القارئ ببعض الهزل

حكى أبو قاسم البغدادي فقال:

أنا آكل رملاً أخرأ صخرة أبلغ نوى أخرأ نخلاً وآلك أنا الموج الكدر أنا القفل العسر أنا النار أنا العيّار أنا الرحا إذا استدار أنا مشيت أسبوعين بلا رأس أنا الذي أسست الشطارة وبوّبت العيارة أنا فرعون أنا هامان أنا نمرود بن كنعان أنا الشيطان الأقلف أنا الدبّ الأكشف أنا البغل الحرون أنا الحرب الزبون أنا الجمل الهائج أنا الفيل المغتلم أنا الدهر المصطلم أنا العسر اللزوم أنا السبع الغشوم أنا بوق الحرب وطبل الشغب ..

ثم استطرد قائلاً:

وآلك تعرفني لو كلّمني الفيل لخرس ولو ضمّني البحر ليبّس ولو عضّني الأسد لضرس ولو رءاني نمرود لم يترسّ يا كلب أنا أنا من أنت يا آفة يا عاهة يا عرّة يا خرا في صرّة … أستنشقك فلا أعطسك إلا في الحجيم أشربك فلا أبولك إلا على الصراط المستقيم!

وهو قليل من كثير، أوردناه هنا على سبيل التلخيص. وللأسف فلقد سبقنا غيرنا الى تحرير هذا المخطوط القديم، الذي يُتوقّع نشره في المستقبل القريب على ما أظنّ.

---


تحديث :

بالأمس عثرت على كتاب بعنوان " الرسالة البغدادية " حرّره الأديب العراقي المغترب المغمور عبّود الشالجي، وتبيّن لي إثرئذ أن هذه "الرسالة" إنما هي نفس الكتاب المعنون "حكاية أبي القاسم البغدادي" المنسوب إلى أبي المطهّر الأزدي الذي حرّره المستشرق الألماني آدم ميز ، بينما الشالجي وفي تقديمه للرسالة ينسبها الى أبي حيان التوحيدي بناءاً على عدة دلائل أراها مقنعة الى حد ما. والفقرات الموجودة في هذه التدوينة اقتبستها من مطبوع ميز المهترئ، الصادر عام 1902 في هايدلبرج. كلا هذان الكتابان موجودان في طيات الانترنت وغياهبه، هناك كتاب ثالث لم يصدر بعد يضم ترجمة انجليزية للنص، تعدّها احدى الرفيقات على ما سمعت. المهم، والعاثر على هذين الكتابين سيفضّل بلا شك كتاب الشالجي على كتاب ميز، حيث ذهب الأول الى شرح كل كلمة ببحر عارم من التعليقات الأدبية الغنية تارة، والبهية تارة أخرى، مما يدلّ على تدفّق وتشعّب حقيقيين (ولا أقول "تعمّق" لأني ببساطة لا أؤمن بالعمق ولا أرى له وجوداً).

والمثير في الأمر أن الشالجي يشير في كثير من تعليقاته هذه إلى كتب سابقة له، بينما سيجد الباحث فيها أن الكثير منها أو قل معظمها لا وجود لها على هذه الأرض، إذ ضاعت أو أحرقت في ظروف مؤسفة للغاية كما يفيدنا الشالجي نفسه في حوار أجري معه قبل وفاته.