23 ديسمبر 2006

فضيحة مشروبة في الجامعة الأمريكية

فضيحة مشروبة في الجامعة الأمريكية

تقرير وتحقيق

القاهرة - كانون الأول \ دسمبر 2006 - باتت تشغل بالي في الآونة الأخيرة حقيقة جلية لا أحد يتكلم عنها علناً ، لكن الكل يعترف في صميمه بخطورة الموضوع ومدى انتشاره بل وترسخه في الحرم المقدس المحروس ... اسمحوا لي أن استكشف في هذا الأمر، إذ انه بالغ في الأهمية بحيث يمسّ بصحّتنا وقد ينتهك عرضنا، أوّله غفلة فنية وآخره بقعة سوداء... فمنذا الذي ينفي انه من حقّنا نحن المستهلكين ان نعرف الحقيقة كل الحقيقة وراء الازدياد الهائل الملحوظ في حوادث اندلاع القهوة ، وما يسفر عنها من هدر وضياع وتلوّث وإحراج؟

بلى يا أصدقائي يحقّ لنا ان نعلم، ومن هذا المنطلق ، قرّرت ألا أدّخر وسعاً في الجلاء عن هوية المسؤولين الرئيسين الواقفين وراء هذه الموجة من الجرائم المتلاحقة ، ومن ثم تشهيرهم وفضحهم على الملأ . اقتضت المهمة أوّلاً وبطبيعة الحال ان اتناول فنجاناً طازجاً من القهوة، حتى تزوّدني بالحماس المنشود وتمدّني بالسلاح المعنوي المطلوب

أعتبره غنياً عن البيان يا أخواتي وإخوتي ، أن الخطوة الأولى تصاغ من القولبة القانونية المعهودة والمعترف بها ، والتي تنصّ على ضرورة القيام بتقصٍّ بسيط للحقائق والوقائع الأساسية ، ثم إدراجها وإعراضها بشكل رسمي ومنظّم في رسالة موجّهة الى اولي الأمر في الجامعة وأمثالهم . واذا به يتبادر الى ذهني ان التصاعد الأخير في انفلات المشروبة البنية وعدم تمسكها بحدود الوعاء المخطط لها يكمنان وبكل بساطة في خلل ما يصيب حصانة الفناجين نفسها . فيجب أن أصارحكم بأن الفناجين المشار اليها ليست بالأوعية المكوّنة من الخزف السليم المألوف، وإنما من تلك المادّة البيضاء الحقيرة المسمّاة بالانجليزية بلقب ستايرافوم أو بوليستايرين بالأحرى، وإنها بمادّة مفتعلة يفترض انها لا تُقهر بل تهلك وتهدم البيئة الطبيعية وما فيها من حياة . فعلى الرغم مما يُشهد لهذه المادّة من حسنات فنية وفضائل بنيوية ، مثل حفاظها على دفء المشروبة الساخنة أو استحالة غرقها في مياه الأنهار والأبحار أو قدرتها الهائلة على البقاء في أرضنا الى أبد الآبدين، فإنها على ما يبدو لا تخلو من عيب ما في هيكل ذرّاتها ، يهزّ استقرارها ويضطرب اتّزانها بحيث تتشنج وتختلج ثم تتفكك وتنكسر دون وعينا، اللهم الا إذا سبق السيف العذل ، وننتبه الى أكفّنا البنية المبتلّة ، أو الى السائل الدافئ الشائب به سطح المائدة . حينئذ نفطن الى وقوعنا في الفخ من جديد ، والقهوة العزيزة تتسرّب فتتدفق من ثقوب لا تطولها العين لصغرها ... أسوة بالدم المنزوف! وبينما هناك من يقول انه لا يجدي البكاء على اللبن المسكوب ، فأقول لكم ان القهوة الحقيقية لا لبن فيها ولا حليب ، وانما هي سوداء قاتمة شاملة ، حرارتها تلفح نورها فتنصهر ألوانها وتتلاشى . وعببت فنجاناً ثانياً من القهوة.

صحيح - ما من أحد في منصب ذي نفوذ يرغب في ان يبوح لنا بما لديه من معلومات بشكل علني ، الا ان القليل من الاوراق قد سُرّبت الى مكتبي من طرف مجهول الهوية (وذلك تحفّظاً لسمعته وبحساسة الملفّ ) . ذهبت بها الى مقهى هادئ حيث سهّل السكون المخيم أن أخلو الى نفسي وأنكبّ على مطالعتها . اختلست نظرة الى روّاد المقهى الآخرين ، حتى أتأكد من تشاغل العيون والأيدي في حوارات وتمثيلات ما بينهم ... ونتابع هذا البحث في اللاحق