20 ديسمبر 2013

الرحيل

* أقيموا بني إنْوود صدور مطيكم ، فإني إلى جيرسي سيتي لأميل *


قوله: إنوود، موضع في أقصى شمال جزيرة مانهاتان، تقطعه جادة برادواي كالسيف الحادّ والحسام البتّار فتقسمه إلى منطقتين غير متقابلتين لغوياً واقتصاديا، ويشتهر عند العامة بثلاثة أمور لا رابع لها: 1 حدائقها الأصيلة العائدة إلى ما قبل وصول المدّ الحضاري إلى تلك الجهة، 2 متحف "ذا كلويسترز" المخصص لفنون القرون الوسطى، 3 وأخيراً وليس آخراً، اكتشاف أوّل وآخر مخلوق ديناصوري في جزيرة مانهاتان وذلك في عام 1925 إلا أنه بعض من أرذال العامة قد سبقوا علماء الآثار إلى بقايا الجثة الراقدة في حفرة مكشوفة فانقضّوا على ما تبقى من عظام وجعلوا يقسمونه فيما بينهم بغير ذي حق فافتخروا بما رُزقوا به من لطائف العوالم السفلى،


وقال أحد الناهبين المغتصبين وقد ظفّر ببعض أنياب الوحش القديم:


"I want this for Hazel. It'll be a corking thing for whatnot"


أي: أريدها لزوجتي بندق، والله هتعجبها بشكل!








وقوله: جيرسي سيتي، بالجيم المعطّش: مدينة جيرساوية تسكنها أكبر جالية قبطية في البلاد، إلا أن صاحب المقال قاصد إلى حارة الهنود فيها حيث وجد مسكناً في موضع تجتاحه رياح الاستطباق العاتية ..



31 مارس 2013

مقطع مترجم من كتاب « المأدبة السافرة » لوليام بوروز

مقطع مترجم من كتاب « المأدبة السافرة » لوليام بوروز

قال وليام سيوارد بوروز وقد امتزج كلامه ببعض القص واللزق، والكروكة والجزبرة وغيرهما:

وتسألون عن المأدبة السافرة وما أدراك ما المأدبة السافرة

إن المأدبة السافرة - وقيل: الغداء العاري - لهي بمثابة دليل استعمال واستدجال ... وإذا بشهوات صرصارية سوداء تفتح على كواكب متكوكبة تجري عليها سهول وجبال وجوارٍ وغلمان ... وإذا بالمعاني المجرّدة والأخبار المتمرّدة تستحيل إلى قالوطة سوداء أو بضان عجفاء …

إنّ الكلمة لتنقسم إلى وحدات موحّدة لا تتمزّق ولا تتفلّق وإنما تقدَّم أو تؤخَّر فيجوز تشكيلها وتفعيلها وربطها وضمّها على غرار المواضع الجنسية البديعة وقد اختلط الحابل ببرج بابل.  ويندلع هذا الكتاب ويفيض على الورق بمنةً ويسرةً وصيفاً وشتاءاً فهو عدسة منبعجة وحدسة بِطعجة يا نعجة تنظر من خلالها شتى المناظر .. هذا الكتاب هو نقر على الأوتار ونحر الأفكار، هو نثر الضراط غير نظم الصراط، هو كوكتيل المنفلوطي وكونياك الزاني واللوطي .. يدوّي فيه ضجيج الشارع من أعمال الشغب والشغف والهنك والرنك، وفجر ومجر ومعر وفشر.. يدوّي فيه : صوت القطط وهي تتضاجع، واعتراضات القرموطة الضائعة وقد وُضعت في غير موضعها، والرقاب إذا طارت والعفاريت إذا ثارت، وأنّات الباه وآهات الجاه، والهيروين الصامت صمت الفجر في الخلايا الظمآنة، وإذاعة القاهرة إذا هاصت وماصت كمثل المتنافسين في مزاد للتبع والتنباك واللي باع واللي اشترى واللي اتناك، ومزامير الشهر المبارك وهي تهمس مهدئة مسكّنة في وجه المدمن المريض أسوةً باللص مقطّع الجيوب وهو يتحسّس برفق ويسر اخضرارَ اللحاليح في فجر المترو المشرب بالرصاص …

أيها القارء العزيز : إن الكلمة لتنقضّ عليك مثل الرجل النمر بمخالبه الحديد، وستقطع أصابع القدم واليد مثل السرطان البريّ الانتهازيّ، وستشنقك وتتلقّف منيك المقذوف مثل الكلب المفضوح، وستلتفّ حول ساقيك مثل الحيّة الرقطاء لتحنقك بكأس من قيء الجنّ المعفّن..

« انت بتعمل ايه؟!» يقولها السائح الأمريكي بتقزّز واشمئزاز.

يلا بسرعة : تلعلع أضواء بيضاء .. تطنّ وترنّ صرخات صرصارية شوهاء.. صحوتُ من الموت وفي الفم طعم الحنظل المعدني ..
اجري ورا ريحة الموت اللي من غير لون
شوف القرد المنكوش بعد الولادة على طول
خد التشنّجات الوهمية للأعضاء المبتورة
« ينتظرنا ولاد الوسخة في التِكِسة » قالها إدواردو وقام مات من كتر الدماغ في مدريد ..
تحترق قطارات البودرا وتخترق الجلد الورد ذي التورّمات المهتاجة …
تفقع فلاشات الذروة الجنسية … صور دقيقة تحبس الحركة المشلولة...
التفت جانب أسمر أملس ليشعل سيجارة...
وقف هناك وعلى رأسه قبّعة من القش أهداها له أحدهم … وكلمات زاهدة هادئة تتساقط في الشارع المعتم كالطيور النافقة...
« لأ .. مافيش .. خلصت خلاص .. »
بحر عارم من مطارق هوائية في اصهباب الغسق - تفوح منه رائحة غازات المجاري الصدئة النتنة .. وجوه عمّال شابّة تتذبذب بين الوضوح والغموض في هالات صفراء وقودها قناديل كربيدية … مواسير مكسورة على المكشوف …
« إنهم يعيدون بناء المدينة »
يوافقه لي بلا مبالاة « نعم … دائماً … »
الانتقال إلى الجناح الشرقي، على أية حال، خطوة لا يحمد عقباه …
لما اعرف هاقوللك
« ماينفعش … لا يجدي نفعاً … بلاش شحططة ومرمطة »
« البتاء خلس … تآلَ الجمأة »

22 مارس 2013

كلمة اليوم من لسان العرب: الودي


كلمة اليوم من لسان العرب



وتسألون عن الودي، وما أدراك ما الودي، إنّ المرء ليجد مثل هذه البذاءات اللذيذة إذا ما تمعّن في كتب النحو والمعاجم دون كثير جهد، ذلك أن النحويين وحرّاس اللغة وسدنتها معروف عنهم شغفهم وإيلاعهم بكل غريب وشاذّ قد يلفظه البقّ، والتِم، والبوز، والبوق (وغيرها من الملافظ والمخارج).

قال ابن منظور:

وقال شمر: وَدى أَي سال، قال: ومنه الوَدْيُ فيما أُرى لخُروجه وسَيَلانِه، قال: ومنه الوادي.
ويقال: ودى الحِمارُ فهو وادٍ إذا أَنْعَظَ؛ ويقال: وَدَى بمعنى قَطَر منه الماء عند الإِنْعاظِ. قال ابن بري: وفي تهذيب غريب المصنف للتبريزي وَدَى وَدْياً أَدْلى ليَبُوكَ، بالكاف، قال: وكذلك هو في الغريب. ابن سيده: والوَدْيُ والوَدِيُّ، والتخفيف أَفصح، الماءُ الرقيقُ الأَبيضُ الذي يَخرج في إِثْرِ البول، وخصص الأَزهري في هذا الموضع فقال: الماء الذي يخرج أَبيض رقيقاً على إِثر البول من الإِنسان. قال ابن الأَنباري: الوَدْيُ الذي يخرج من ذكر الرجل بعد البول إِذا كان قد جامع قبل ذلك أَو نَظَرَ، يقال منه: وَدى يَدي وأَوْدىيُودي، والأَول أَجود؛ قال: والمَذْيُ ما يخرج من ذكر الرجل عند النظر يقال: مَذى يَمْذي وأَمْذى يُمْذي.
وفي حديث ما ينقض الوضوءَ ذكر الودي، بسكون الدال وبكسرها وتشديد الياء، البلَل اللّزِجُ الذي يخرج من الذكر بعد البول، يقال وَدى ولا يقال أَوْدى، وقيل: التشديد أَصح وأَفصح من السكون.
ووَدى الشيءُ وَدْياً: سال؛ أَنشد ابن الأَعرابي للأَغلب: كأَنَّ عِرْقَ أَيْرِه، إِذا ودى، حَبْلُ عَجُوزٍ ضَفرَتْ سَبْع قُوى التهذيب: المَذِيُّ والمَنِيُّ والوَدِيُّ مشدداتٌ، وقيل تخفيف.
وقال أَبو عبيدة: المَنِيُّ وحده مشدد والآخران مخففان، قال: ولا أَعلمني سمعت التخفيف في المَنِيّ

15 مارس 2013

الخامس عشر من مارس الموافق للآذار


الخامس عشر من مارس الموافق للآذار

لا نكاد نصدّق أننا بلغنا الذكرى السنوية العاشرة للحرب الامبريالية الأمريكية على العراق. لا نصدّق.


04 مارس 2013

أوائل آذار

أوائل آذار

ووجدنا هذا التحالف مثمراً مورقاً جدا، فولجنا صفحات كويتسي ووولف وغيرهما من أدباء اللغة الانجليزية، فلولا هذا التحالف .. لأ بلاش لولا دي، فما هذا سوى ضرب من التنبؤ غير المرخص.

آه .. ونسيت أقوللكو .. لقد توفّي حاسوب الحجر المأسوف على عهده ومهده ونقول البقاء للّه. وسننقل حديث الحادثة كما حدثت في وقت لاحق بإذن الآلهة، وإنما جاءت هذه التدوينة من أجل تسجيل الوجود لا أكثر ولا أقل

عاشت آذار، مات الحاسوب فليَعِشْ الحاسوب


23 فبراير 2013

الحادي\الثاني والعشرون من فبراير


الحادي\الثاني والعشرون من فبراير

صار أحدهم مولّعا بجايل كولينز، الصحفية الأمريكية التي يجاور مكتبها مكتب توماس فريدمان – أبعد الله عنكم كأسه – وجعل يبعث لي مقالاتها عن طريق الإيميل.. ليس هذا فقط ما يدعو إلى القلق، وإنما اتضح لي أنه – أي صديقي هذا – يلمّ بكافة التفاصيل عن بول كروجمان، وسائر كتّاب الرأي في جريدة النيويورك تايمز، إنه باختصار ضليع في عالم النجومية الصحافية..

حسنٌ قلنا لكم دينكم ولي دين، لكن، لكنات، لواكن، : أرءيت اللوى وقد صار في عرضه التقنفذ المنثني؟ أعرفت موسم الضجاع في حتت الموسكي؟ أعلمت موقف الولّاعة في منهمَر الفتيان، بلا أمل، بلا كهنة، بلا ذراع، بدون رثاء.  

ليس للأمر أكثر من لحظة تدارك وتمارك، ولم يعدُ أن يكون أكثر من مجرّد عتاب، لكني قلت له: لمَ الشغف هذا كله؟ لمَ متابعة المملين، والرماديين، والكررة والمررة وبتوع الككولا؟ كان هذا - وأقصد كل هذا: كولينز، وكروجمان، وما بينهما - حيلة منه للأمركة، وهبرة شيء من الثقافة المشتركة، مما لا يدعو إلى العتاب بل يدعو إلى المقارنة، المقارنة قبل الطوفان والإغلاق.

-وكالات أنباء

21 فبراير 2013

20 فبراير



العشرون من فبراير

فتحنا مغاليق مكتبة جامعة مدينة الأمير، التي يسمّيها أهلا البلاد « برينسطن »، وبينما نحن منصرفون إلى هذه العملية – التي اقتضى قضاؤها مجابهة قزم بحدبة متعرّجة تعاريج مهيبة أشبه ما تكون إلى هضبة مجوّفة قد نبتت عليها باقة فطرية وحيدة، ثم الإجابة على أسئلته المتعرّجة هي الأخرى، وحلّ ثلاث فوازير، فالقفز بما أوسعنا الله حتى نتفادى الأرض المنخسفة فجأة من تحت الأرجل – أقول: بينما نحن منصرفون إلى كل ذلك، إذ وجدنا أنفسنا منصرفين أيضاً إلى مطالعة نص نادر وفريد هو كتاب إرشاد الخلق إلى العمل بخبر البرق للشيخ الصالح جمال الدين القاسمي الدمشقي، الذي توفّته الآلهة سنة 1914.
يحدّد الشيخ في كتابه هذا نحو سبع عشرة شبهة رفعها القوم على جهاز التلغراف، ثم يردّ على كلّها، شبهةً شبهةً، فيدحضها ليقدّم رؤية مستنيرة تحلّ استعمال هذا الجهاز للمسلمين، ولا يحلى ذكر هذه الشبهات ههنا نظراً لتواضعها وعدم إثارتها دهشتي أو فضولي كبير إثارة.. يغيب عن النص ما يجذب اهتمام الآكاديميين في يومنا هذا، فلا نجد فيه – للأسف – محلات عثرة ولحظات سقوط أو انهيارات نفسية، على سبيل المثال.. ولا غرو في هذا الأمر، لأن النص يضع ثقته كاملة في هذه التكنولوجيا الجديدة، ويترك ما يسمّيه " تلغرافات العامّة " ويركّز فقط على تلغرافات رجال الحكم والقضاء.
الشبهتان الثالثة والثامنة تهتمان بما يسمّيه التحريف والخطأ، والتصحيف أو التزوير، وقد أطلقنا على هذه الظواهر " الضجيج " أو " الشوشرة " في تدوينة سابقة.

(وكما أسلفنا، قد عقدنا عزمنا على كتابة سطور قليلة في المدوّنة على الصعيد اليومي، لذا تجدها قصيرة مقصّرة، مختصرة مقتضبة)

18 فبراير 2013

جملتين مفيدتين



جملتين مفيدتين

«جملتين مفيدتين» - عبارة كانت تطلقها الأستاذة نادية إذا ما خجل أحدنا فامتنع عن الكلام، «مم مم مممه.. جملتين مفيدتين» عبارة كانت كفيلة بأن يردّ الساكت منا إلى صوابه، إذ ليس عليه إلا الإدلاء بكلام مختصر، مقتضب، وخير الكلام ما قلّ ودلّ يا أخي يا حْسين..
وإيماناً مني بهذا المبدأ الكوني المتفق عليه من جميع الأطراف، إنساً وجنّاً وذكياً وبليداً، فقد رأيته من المفيد، والجميل أيضاً، أن أغيّر من وتيرة الحياة، وأن أشدّ الحزام شوية وأدوس البنزين، وأن أطلق الثغاء من حناجر المترددين والمتلعثمين ومن بحلوقهم غصّة وبحّة، وأقصد بهذا كله: قد رسى يقيني – ولو لفترة وجيزة – على أهمية التدوين كل يوم، جملتين مفيدتين، أو كلمتين ذات نفع للعالمين، وليس هذا – فقط – إيماناً مني بمقولة الأستاذة نادية، بل هو إيماني الأشد بأن الكتابة ممارسة ومواظبة ما دفعني إلى الإقرار بهذه الخطّة المخطّطة.. إيماني بأنني، وإن دخلت مرحلة جديدة وهي مرحلة الرطجرة فهذا لا يمنعني من التنفّس قليلاً في نهاية كل يوم، وإلقاء بعض الأعباء من على كاهلي المتثاقل بالأحمال والأفعال.. أقول: هو إيماناً مني بأني أكتب كل يوم على أية حال، فما الضرر في الثرثرة هنا قليلاً..