04 أبريل 2015

تحية طيبة

الرجاء التوجه إلى المشرب الجديد

3alba7ari.wordpress.com

20 ديسمبر 2013

الرحيل

* أقيموا بني إنْوود صدور مطيكم ، فإني إلى جيرسي سيتي لأميل *


قوله: إنوود، موضع في أقصى شمال جزيرة مانهاتان، تقطعه جادة برادواي كالسيف الحادّ والحسام البتّار فتقسمه إلى منطقتين غير متقابلتين لغوياً واقتصاديا، ويشتهر عند العامة بثلاثة أمور لا رابع لها: 1 حدائقها الأصيلة العائدة إلى ما قبل وصول المدّ الحضاري إلى تلك الجهة، 2 متحف "ذا كلويسترز" المخصص لفنون القرون الوسطى، 3 وأخيراً وليس آخراً، اكتشاف أوّل وآخر مخلوق ديناصوري في جزيرة مانهاتان وذلك في عام 1925 إلا أنه بعض من أرذال العامة قد سبقوا علماء الآثار إلى بقايا الجثة الراقدة في حفرة مكشوفة فانقضّوا على ما تبقى من عظام وجعلوا يقسمونه فيما بينهم بغير ذي حق فافتخروا بما رُزقوا به من لطائف العوالم السفلى،


وقال أحد الناهبين المغتصبين وقد ظفّر ببعض أنياب الوحش القديم:


"I want this for Hazel. It'll be a corking thing for whatnot"


أي: أريدها لزوجتي بندق، والله هتعجبها بشكل!








وقوله: جيرسي سيتي، بالجيم المعطّش: مدينة جيرساوية تسكنها أكبر جالية قبطية في البلاد، إلا أن صاحب المقال قاصد إلى حارة الهنود فيها حيث وجد مسكناً في موضع تجتاحه رياح الاستطباق العاتية ..



31 مارس 2013

مقطع مترجم من كتاب « المأدبة السافرة » لوليام بوروز

مقطع مترجم من كتاب « المأدبة السافرة » لوليام بوروز

قال وليام سيوارد بوروز وقد امتزج كلامه ببعض القص واللزق، والكروكة والجزبرة وغيرهما:

وتسألون عن المأدبة السافرة وما أدراك ما المأدبة السافرة

إن المأدبة السافرة - وقيل: الغداء العاري - لهي بمثابة دليل استعمال واستدجال ... وإذا بشهوات صرصارية سوداء تفتح على كواكب متكوكبة تجري عليها سهول وجبال وجوارٍ وغلمان ... وإذا بالمعاني المجرّدة والأخبار المتمرّدة تستحيل إلى قالوطة سوداء أو بضان عجفاء …

إنّ الكلمة لتنقسم إلى وحدات موحّدة لا تتمزّق ولا تتفلّق وإنما تقدَّم أو تؤخَّر فيجوز تشكيلها وتفعيلها وربطها وضمّها على غرار المواضع الجنسية البديعة وقد اختلط الحابل ببرج بابل.  ويندلع هذا الكتاب ويفيض على الورق بمنةً ويسرةً وصيفاً وشتاءاً فهو عدسة منبعجة وحدسة بِطعجة يا نعجة تنظر من خلالها شتى المناظر .. هذا الكتاب هو نقر على الأوتار ونحر الأفكار، هو نثر الضراط غير نظم الصراط، هو كوكتيل المنفلوطي وكونياك الزاني واللوطي .. يدوّي فيه ضجيج الشارع من أعمال الشغب والشغف والهنك والرنك، وفجر ومجر ومعر وفشر.. يدوّي فيه : صوت القطط وهي تتضاجع، واعتراضات القرموطة الضائعة وقد وُضعت في غير موضعها، والرقاب إذا طارت والعفاريت إذا ثارت، وأنّات الباه وآهات الجاه، والهيروين الصامت صمت الفجر في الخلايا الظمآنة، وإذاعة القاهرة إذا هاصت وماصت كمثل المتنافسين في مزاد للتبع والتنباك واللي باع واللي اشترى واللي اتناك، ومزامير الشهر المبارك وهي تهمس مهدئة مسكّنة في وجه المدمن المريض أسوةً باللص مقطّع الجيوب وهو يتحسّس برفق ويسر اخضرارَ اللحاليح في فجر المترو المشرب بالرصاص …

أيها القارء العزيز : إن الكلمة لتنقضّ عليك مثل الرجل النمر بمخالبه الحديد، وستقطع أصابع القدم واليد مثل السرطان البريّ الانتهازيّ، وستشنقك وتتلقّف منيك المقذوف مثل الكلب المفضوح، وستلتفّ حول ساقيك مثل الحيّة الرقطاء لتحنقك بكأس من قيء الجنّ المعفّن..

« انت بتعمل ايه؟!» يقولها السائح الأمريكي بتقزّز واشمئزاز.

يلا بسرعة : تلعلع أضواء بيضاء .. تطنّ وترنّ صرخات صرصارية شوهاء.. صحوتُ من الموت وفي الفم طعم الحنظل المعدني ..
اجري ورا ريحة الموت اللي من غير لون
شوف القرد المنكوش بعد الولادة على طول
خد التشنّجات الوهمية للأعضاء المبتورة
« ينتظرنا ولاد الوسخة في التِكِسة » قالها إدواردو وقام مات من كتر الدماغ في مدريد ..
تحترق قطارات البودرا وتخترق الجلد الورد ذي التورّمات المهتاجة …
تفقع فلاشات الذروة الجنسية … صور دقيقة تحبس الحركة المشلولة...
التفت جانب أسمر أملس ليشعل سيجارة...
وقف هناك وعلى رأسه قبّعة من القش أهداها له أحدهم … وكلمات زاهدة هادئة تتساقط في الشارع المعتم كالطيور النافقة...
« لأ .. مافيش .. خلصت خلاص .. »
بحر عارم من مطارق هوائية في اصهباب الغسق - تفوح منه رائحة غازات المجاري الصدئة النتنة .. وجوه عمّال شابّة تتذبذب بين الوضوح والغموض في هالات صفراء وقودها قناديل كربيدية … مواسير مكسورة على المكشوف …
« إنهم يعيدون بناء المدينة »
يوافقه لي بلا مبالاة « نعم … دائماً … »
الانتقال إلى الجناح الشرقي، على أية حال، خطوة لا يحمد عقباه …
لما اعرف هاقوللك
« ماينفعش … لا يجدي نفعاً … بلاش شحططة ومرمطة »
« البتاء خلس … تآلَ الجمأة »

22 مارس 2013

كلمة اليوم من لسان العرب: الودي


كلمة اليوم من لسان العرب



وتسألون عن الودي، وما أدراك ما الودي، إنّ المرء ليجد مثل هذه البذاءات اللذيذة إذا ما تمعّن في كتب النحو والمعاجم دون كثير جهد، ذلك أن النحويين وحرّاس اللغة وسدنتها معروف عنهم شغفهم وإيلاعهم بكل غريب وشاذّ قد يلفظه البقّ، والتِم، والبوز، والبوق (وغيرها من الملافظ والمخارج).

قال ابن منظور:

وقال شمر: وَدى أَي سال، قال: ومنه الوَدْيُ فيما أُرى لخُروجه وسَيَلانِه، قال: ومنه الوادي.
ويقال: ودى الحِمارُ فهو وادٍ إذا أَنْعَظَ؛ ويقال: وَدَى بمعنى قَطَر منه الماء عند الإِنْعاظِ. قال ابن بري: وفي تهذيب غريب المصنف للتبريزي وَدَى وَدْياً أَدْلى ليَبُوكَ، بالكاف، قال: وكذلك هو في الغريب. ابن سيده: والوَدْيُ والوَدِيُّ، والتخفيف أَفصح، الماءُ الرقيقُ الأَبيضُ الذي يَخرج في إِثْرِ البول، وخصص الأَزهري في هذا الموضع فقال: الماء الذي يخرج أَبيض رقيقاً على إِثر البول من الإِنسان. قال ابن الأَنباري: الوَدْيُ الذي يخرج من ذكر الرجل بعد البول إِذا كان قد جامع قبل ذلك أَو نَظَرَ، يقال منه: وَدى يَدي وأَوْدىيُودي، والأَول أَجود؛ قال: والمَذْيُ ما يخرج من ذكر الرجل عند النظر يقال: مَذى يَمْذي وأَمْذى يُمْذي.
وفي حديث ما ينقض الوضوءَ ذكر الودي، بسكون الدال وبكسرها وتشديد الياء، البلَل اللّزِجُ الذي يخرج من الذكر بعد البول، يقال وَدى ولا يقال أَوْدى، وقيل: التشديد أَصح وأَفصح من السكون.
ووَدى الشيءُ وَدْياً: سال؛ أَنشد ابن الأَعرابي للأَغلب: كأَنَّ عِرْقَ أَيْرِه، إِذا ودى، حَبْلُ عَجُوزٍ ضَفرَتْ سَبْع قُوى التهذيب: المَذِيُّ والمَنِيُّ والوَدِيُّ مشدداتٌ، وقيل تخفيف.
وقال أَبو عبيدة: المَنِيُّ وحده مشدد والآخران مخففان، قال: ولا أَعلمني سمعت التخفيف في المَنِيّ

15 مارس 2013

الخامس عشر من مارس الموافق للآذار


الخامس عشر من مارس الموافق للآذار

لا نكاد نصدّق أننا بلغنا الذكرى السنوية العاشرة للحرب الامبريالية الأمريكية على العراق. لا نصدّق.


04 مارس 2013

أوائل آذار

أوائل آذار

ووجدنا هذا التحالف مثمراً مورقاً جدا، فولجنا صفحات كويتسي ووولف وغيرهما من أدباء اللغة الانجليزية، فلولا هذا التحالف .. لأ بلاش لولا دي، فما هذا سوى ضرب من التنبؤ غير المرخص.

آه .. ونسيت أقوللكو .. لقد توفّي حاسوب الحجر المأسوف على عهده ومهده ونقول البقاء للّه. وسننقل حديث الحادثة كما حدثت في وقت لاحق بإذن الآلهة، وإنما جاءت هذه التدوينة من أجل تسجيل الوجود لا أكثر ولا أقل

عاشت آذار، مات الحاسوب فليَعِشْ الحاسوب


23 فبراير 2013

الحادي\الثاني والعشرون من فبراير


الحادي\الثاني والعشرون من فبراير

صار أحدهم مولّعا بجايل كولينز، الصحفية الأمريكية التي يجاور مكتبها مكتب توماس فريدمان – أبعد الله عنكم كأسه – وجعل يبعث لي مقالاتها عن طريق الإيميل.. ليس هذا فقط ما يدعو إلى القلق، وإنما اتضح لي أنه – أي صديقي هذا – يلمّ بكافة التفاصيل عن بول كروجمان، وسائر كتّاب الرأي في جريدة النيويورك تايمز، إنه باختصار ضليع في عالم النجومية الصحافية..

حسنٌ قلنا لكم دينكم ولي دين، لكن، لكنات، لواكن، : أرءيت اللوى وقد صار في عرضه التقنفذ المنثني؟ أعرفت موسم الضجاع في حتت الموسكي؟ أعلمت موقف الولّاعة في منهمَر الفتيان، بلا أمل، بلا كهنة، بلا ذراع، بدون رثاء.  

ليس للأمر أكثر من لحظة تدارك وتمارك، ولم يعدُ أن يكون أكثر من مجرّد عتاب، لكني قلت له: لمَ الشغف هذا كله؟ لمَ متابعة المملين، والرماديين، والكررة والمررة وبتوع الككولا؟ كان هذا - وأقصد كل هذا: كولينز، وكروجمان، وما بينهما - حيلة منه للأمركة، وهبرة شيء من الثقافة المشتركة، مما لا يدعو إلى العتاب بل يدعو إلى المقارنة، المقارنة قبل الطوفان والإغلاق.

-وكالات أنباء

21 فبراير 2013

20 فبراير



العشرون من فبراير

فتحنا مغاليق مكتبة جامعة مدينة الأمير، التي يسمّيها أهلا البلاد « برينسطن »، وبينما نحن منصرفون إلى هذه العملية – التي اقتضى قضاؤها مجابهة قزم بحدبة متعرّجة تعاريج مهيبة أشبه ما تكون إلى هضبة مجوّفة قد نبتت عليها باقة فطرية وحيدة، ثم الإجابة على أسئلته المتعرّجة هي الأخرى، وحلّ ثلاث فوازير، فالقفز بما أوسعنا الله حتى نتفادى الأرض المنخسفة فجأة من تحت الأرجل – أقول: بينما نحن منصرفون إلى كل ذلك، إذ وجدنا أنفسنا منصرفين أيضاً إلى مطالعة نص نادر وفريد هو كتاب إرشاد الخلق إلى العمل بخبر البرق للشيخ الصالح جمال الدين القاسمي الدمشقي، الذي توفّته الآلهة سنة 1914.
يحدّد الشيخ في كتابه هذا نحو سبع عشرة شبهة رفعها القوم على جهاز التلغراف، ثم يردّ على كلّها، شبهةً شبهةً، فيدحضها ليقدّم رؤية مستنيرة تحلّ استعمال هذا الجهاز للمسلمين، ولا يحلى ذكر هذه الشبهات ههنا نظراً لتواضعها وعدم إثارتها دهشتي أو فضولي كبير إثارة.. يغيب عن النص ما يجذب اهتمام الآكاديميين في يومنا هذا، فلا نجد فيه – للأسف – محلات عثرة ولحظات سقوط أو انهيارات نفسية، على سبيل المثال.. ولا غرو في هذا الأمر، لأن النص يضع ثقته كاملة في هذه التكنولوجيا الجديدة، ويترك ما يسمّيه " تلغرافات العامّة " ويركّز فقط على تلغرافات رجال الحكم والقضاء.
الشبهتان الثالثة والثامنة تهتمان بما يسمّيه التحريف والخطأ، والتصحيف أو التزوير، وقد أطلقنا على هذه الظواهر " الضجيج " أو " الشوشرة " في تدوينة سابقة.

(وكما أسلفنا، قد عقدنا عزمنا على كتابة سطور قليلة في المدوّنة على الصعيد اليومي، لذا تجدها قصيرة مقصّرة، مختصرة مقتضبة)

18 فبراير 2013

جملتين مفيدتين



جملتين مفيدتين

«جملتين مفيدتين» - عبارة كانت تطلقها الأستاذة نادية إذا ما خجل أحدنا فامتنع عن الكلام، «مم مم مممه.. جملتين مفيدتين» عبارة كانت كفيلة بأن يردّ الساكت منا إلى صوابه، إذ ليس عليه إلا الإدلاء بكلام مختصر، مقتضب، وخير الكلام ما قلّ ودلّ يا أخي يا حْسين..
وإيماناً مني بهذا المبدأ الكوني المتفق عليه من جميع الأطراف، إنساً وجنّاً وذكياً وبليداً، فقد رأيته من المفيد، والجميل أيضاً، أن أغيّر من وتيرة الحياة، وأن أشدّ الحزام شوية وأدوس البنزين، وأن أطلق الثغاء من حناجر المترددين والمتلعثمين ومن بحلوقهم غصّة وبحّة، وأقصد بهذا كله: قد رسى يقيني – ولو لفترة وجيزة – على أهمية التدوين كل يوم، جملتين مفيدتين، أو كلمتين ذات نفع للعالمين، وليس هذا – فقط – إيماناً مني بمقولة الأستاذة نادية، بل هو إيماني الأشد بأن الكتابة ممارسة ومواظبة ما دفعني إلى الإقرار بهذه الخطّة المخطّطة.. إيماني بأنني، وإن دخلت مرحلة جديدة وهي مرحلة الرطجرة فهذا لا يمنعني من التنفّس قليلاً في نهاية كل يوم، وإلقاء بعض الأعباء من على كاهلي المتثاقل بالأحمال والأفعال.. أقول: هو إيماناً مني بأني أكتب كل يوم على أية حال، فما الضرر في الثرثرة هنا قليلاً..

29 نوفمبر 2012

هيصة وميصة ألفين واتناشر


هيصة وميصة ألفين واتناشر

الحمد لله الذي فضّل الإنسان على سائر مخلوقاته الفاسقة ورفعه فوق بقية مصنوعاته الغاسقة، فوهب له من المهارات والمكائد والبهارات والمفاسد ما لا يحصى ولا يعدّ وما لا يُحمد عقباه ومنها زرع المشمش وحرث الجبال فمسح الجوخ وتقليب الأحوال، ومنها التحلّي بالصبر وإدمان الضجر، ووضع الشيء في موضعه وفي غير موضعه، والرقص على أطراف الخضار وهي ملتهبة، وإنارة الجهات المظلمة بقدر من الطيش والازدراء، والتقاذف بالألقاب والتلاقب وبالأنياب، ومنها أيضاً التروّي في العلامات وترصّد الإيحاءات، وقيل ذلك لفقر ما في الدم ونقص ما في المهجة، أو زيغ في القلب .. ومن المهارات التي وهبها الخالق للمخلوق ودسّها الفاعص في المفعوص: إشاعة الرضى، وبسط اليدين، وإدّعاء الفلسفة على رؤوس الأشهاد والعباد، وهم يوزّعون لهذا الغرض الرُخَص والرتب، فيقولون هذا مدّعي فلسفة، وهذا مدّعي فلاسف مفلسفة، وهذا مفشخر فلسفة، وهذا مفشخر فشخنة، وهذا مخضرم بكارنيه، وهذا مرتزق بخمس جنيه، وثمّة أنواع أخرى أبعد الله عنكم كأسهم وفأسهم، بل ويأسهم أيضاً ..
 [عدلي رزق الله]

وبعد تحياتنا للمرشدات والمرشدين والعبارة الدافئة لهم والشكر والامتنان على ما خاضوا من بحار وما خاطروا من وديان وأفكار، وبعد تبرئتنا لهنّ ولهم من كلّ ما أتى ويأتي من دفق المداد ورشق الكلم على هذه المساحة الالكترونية الضيقة حيناً والفسيحة أحياناً أُخَر، ثمّ بعد الغمز واللمز على الشكاكين والشكاكات من الإنس والجنّ، وبعد بعث البهجة بالبعبصة والبغبغان، أقول:

هذا كتاب الهيصة والميصة ألفين واتناشر قد دوّنتُ فيه بعض ما أبصرته العين وجرّبته النفس، وهو بمثابة شبكة خيوطها من المخمل وأوراق الزنزلخت فقد التصق بها بعض الملاحظات والانطباعات التي هي كمثل اللؤلؤات الطائرة الطائشة وقد احتبست في سوائل نسغ الشجر، لعلّ القارئ يقتطفها ويزيل عنها طبقات اللزوجة المتقشرة فيستلذّ بها ويستمرئها..

فصل منه في الصاعد والهابط

حدّثنا أبو زعبل المنفلوطي نقلاً عن السيد سوزان السرادق أن الفقيه البشري أطلق على أحد خصومه أنعاتاً غير كريمة، فردّ عليه هذا الخصم بأقوال أخَر ترجمت إلى الفارسية ومنها إلى البولندية ثم منها ترجمت مرّة أخرى إلى اللغة العربية ومفادها أن البيرق الخنصري قال للمتجمّعين على ضفاف البردى:

ما شاء الله على هذه الوجوه المشرقة الجميلة، ما شاء الله – وإن لم تشأ الآلهة كلّها فهي دائمة التعارك والتبارك فيما بينها – على هذه البدعة المعمارية-المعرفية، هذه المنشأة الاجتماعية-الكيميائية التي يسمّونها المؤتمر الآكاديمي.
[اعتماد خورشيد]

قال: ويتقاطر إليه المتفلسفون أفواجاً بمختلف رخصهم ورتبهم، وحتى الذي لم تصدر لهم رخص بعد، هذا المحجّ السنوي الذي بات يستقطب المؤمين والملحدين على حدّ سواء، وغدا مزاراً للعسس والفسس وتجّار العلم، وقد عوّد أهله على طقوس ثابتة توضح للعين الفاحصة جوهر معتقداتهم وعنصر مقدّساتهم التي تخضع لا شك لمنظوم بنيوي تحتاني متكامل يحدّد مكانة أصغر عضو فيه ويكتب له مسار تحرّكاته وتصرّفاته لا ريب، فيكون كل عضو في هذا المنظوم بمثابة لفظ واحد في جملة كُتبت تحوّلاتها وتقلّباتها مسبقاً في رأس الإله النحوي الذي يقيمون له الولائم ويذبحون له الأطفال والحيوانات ذات الذيول القصيرة .. أو هكذا يدّعي بعض من تسلّل إلى أوكارهم وتعرّف إلى نسائهم ، الغرض، المهمّ، أنك تراهم تمارسون عادات غريبة في هذا الحجّ، فيقومون مبكّراً وينخرطون في مناسك الطواف، وأنت تحسّ بهم صباحاً وقد تمكّنت منهم القهوة، ثم تشعر بهم مساءاً وقد استبدّ بهم النبيذ، فهذه النشوة الصباحية وتلك النشوة المسائية تجعلانهم في حالة أشبه ما تكون إلى حالة المختلج آرابه قبيل الدخول في الغيبوبة، أو حالة الفائق من الغيبوبة وبه حماس يتطاير منه الشرر ورواسب النشادر المتكلّس، وكفى في هذا الباب.

فصل منه في البثّ والضجيج

واعلموا يا ذوي الآذان المنصتة أن البثّ هو الكلمة، والرسالة، والمراد إبلاغه وتوصيله، أمّا الضجيج فهو الشوشرة، والإحباط، والتشوّش والإفراط، واعلموا كذلك أنني شاهدتُ عن قرب وعن قصد أو غير قصد – وأظنه من غير قصد، لأننا لسنا هنا في بوتقة المقاصد والقصائد والقصدَدَة المتقصّدة – شاهدتُ وجرّبتُ حدثين إثنين إن دلّا على شيء فيدلّان على هذه الجدلية المثمرة بين البثّ من جهة، والضجيج من جهة أخرى .. وهي ليست جدلية متجمّدة بالمعنى الثنائي الهيجلي للكلمة، وإنما هي جدلية لما فيها من جدل وجدال، وجدّ وتجديد، ودلّ ودلالة، وجدولة الخ.. حدثان اثنان ما أبعد الأوّل عن أخيه، وما أشسع المسافة بين الواحد والثاني، من حيث المبغى والمعنى والمجرى والمضمار، ورغم هذا البعد وتلك المسافة، إلا أنني أراه من اللائق والجميل أن أروي هذين الحدثين في إطار هذه الجدلية المثمرة بين البثّ والضجيج.

ففي الحدث الأول، وهو أقلّ شأناً وأخفّ وطأً من الحدث الثاني بكثير، رأينا البثّ وقد تمكّن منه الضجيج، فأبصرنا الصورة وقد توغّل فيها الخليط والمزيج، يا الله، ما أبهى هذا الوجه الذي ظهر على الشاشة أكثر من مرّتين، ما أروع هذه الروح الساكنة وراء البحار، ولكن يا الله، لعناتك على عبط الماكنات، وعطب الأجهزة واللقيمات، لعناتك على وسوسة إبليس في صحّة الصوت وتفّاحة العريس، ذلك أنّه قد حال الضجيج بيننا وبين البثّ، مما تسبّب في أزمة دلالية اختلط فيها الهابل بالنابل وجعل الكلّ يسبّ دين الآباء والأمّهات، هذا والسبّ ليس فيه ذوق، ولا مراعاة أصول، إنما هو صنف متطور من الضجيج، ونوع مصطفى من الدوشة، لذا قد زاد الطين بلّة وفاض الكيل بالتقنيات الحديثة، ودخلنا كلّنا في زوبعة من التخابط والتعابط والصيات والعياط، أسفر عنها جرحى بالمئات، هذا مصاب بالانفلوينزا، وهذا مصاب بالبواسير، وهذا يطرطش الدم من نافوخه شلّالات، الخ، ولمّا جاءت الراجفة، وتبعتها الرادفة، اختلف القوم في مصير الجماعة، وانصرف الكلّ وهو يلتذّ بالمتعة والمياعة..

[عدلي رزق الله]

وفي الحدث الثاني، تدخّل الضجيج في عملية البثّ مرّة أخرى، فأثناها عن طريقها وأغراها عن بريقها، وأصل الحكاية يا ناس أننا قد تواصلنا منذ عدّة سنين مضت وانقضت مع أحد الجهابذة الصغار، وذلك من خلال احدى مواضع التخابر الاشتراكي، أو قل مواقع التواصل الاجتماعي، المنتشرة هنا وهناك في حقول الشبكة العالمية الكهربائية وفي جحورها وحيطانها وعروقها وشرايينها ، تعرّفتُ على جهبذ من الجهابذة – وأقول جهبذ على كلّ وأيّ شخص يتمتع بقدر من المجد والطموح، ويلزم أيضاً أن يكون موضعاً لغيرتي وحسدي إلى حدّ ما – تعرّفت على هذا الجهبذ، أو قل تأمّلتُ لفترة قصيرة فرصة التعرّف عليه، وهنا نتبيّن الفرق بين الحدث الأول والحدث الثاني، ففي الحدث الأول قد أفسد الضجيج البثّ، وحالت الضوضاء بيننا وبين الوجه الجميل، إلا أننا في ذلك الحدث الأوّل ظللنا مرتبطين بذلك الوجه بشكل من الأشكال، فقد توطّدت الصلات وتوثّقت العرى في وقت سابق، أمّا في هذا الحدث الثاني، فقد انتصر البثّ في أوّل الأمر، وتجلّى الوجه وتجسّد الجسد، إلا أننا في لحظة التلاقي قد انتبهتُ إلى شيء من الضجيج من شأنه لا ريب أن يعلو ويزداد مع الدقائق والساعات.  ولم أترك فرصة لهذا الضجيج أن يعلو أكثر، فقد أدركت الإرهاصات وتلمّستُ العلامات، ومن هذه العلامات اختلافٌ بسيط في الملبس والمسكن، وميل ملحوظ إلى الدعارة والفسق، لأ، أرجو ألا تسيؤوا فهمي، فأنا أمجّد الدعارة وأحابي الفسق، وأضف إلى ذلك أنني من أنصار التسيّب والتهتّك والهبوط والانحطاط، لكني قد طوّرت مع مضي السنين وتوالي المواسم إحساساً رفيعاً بالمفاجآت المتوقعة من بعض الطوائف من القوم، واحتمال تحوّلهم السريع واشتعال تحرّكهم المنيع، أو بمعنى آخر قد انتبهتُ إلى طاقة مذهلة في هذا الشخص قد تدعو إلى الثقة والتهليل لكنها في معظم الحالات لا تدعو إلا إلى البهدلة وتضييع الوقت وابتلاع الحنظل وتنامي المرارة ثم فقعها.  ففي نهاية هذا الحدث، وجدتُ نفسي قد وأدت فرصة في مهدها، وقطعت علاقة قبل لحدها، فانتشر السحاب وتعالت السخائم حتى رددتُ على أعقابي وأنا أهتف يا عالم يا وصخة..

وحطة يا بطة يا ديل الجطة

فصل منه في مدح السابحات سبحا والمدبّرات أمرا

الحقيقة معرفتش أسميهم ايه، بس برضه الأسامي دي حلوة، السابحات سبحا والمدبرات أمرا، وقد تواضعوا الناس على القول بأنهنّ الملائكة، لكن لم يثبت ذلك، وأذهب إلى القول بأنهنّ أكثر من ذلك بكثير، إذ أنهنّ يتّسمن ببعض صفات الملائكة، وفي الوقت نفسه يتشاركون والجنّ العديد من الصفات والسمات والخصائص والمهارات، والنجوم كذلك تجدها تقارب السابحات سبحا في نقاط عدّة، خاصة في نقطة الأشعّة المشرقة المنبثقة منها أسوة بالأحابيل الممتدّة الطول، طرفها الأول هناك، فوق، وطرفها الآخر منغرز في مرافق المهجة ومحاور الفؤاد، جميلات المحيّا وهذا مفروغ منه، مقطوع به..
وأياً كنّ فهنّ يستحققن المدح صيفاً وشتاءاً، وقد واتتنا أنا واحدى الرفيقات فرصة المدح هذه، وإن كنّا في عملية المدح مفضوحين بإعجابنا المتطرّف والتياعنا المتجرّف، بالطبع فلا يخفى على أحد هذا النوع من الإعجاب الذي لا يضاهيه شيء في المشاعر الإنسانية السويّة.. حقاً لكم تمكنّت منا تلك الحبال، ولكم خالجتنا تلك الأشعّة فداخت الأوزان وماج الجأش وتحابكت الجذور في بعضها البعض، مما انعكس انعكاساً واضحاً على وجوهنا الممتقعة حيناً والمحمرّة أحياناً أُخَر، كما افتضحنا برعشات الجفنين وتلعثم الأنف وتغلّب الحروف النطعية على سائر حروف الله – والمعروف أن الحروف النطعية والتنطع بشكل عام ما هي إلا حيل شيطانية وبيان ذلك في كتاب ابن قدامة قدّسه الله سرّه ورفعه فوق غيره من الحنابلة – المهم، رأينا أنا ورفيقتي وقد تمكّنت منا هذه الحبال وجاشت الصدور بتلك الأشعة رأينا أن نقضي عبادتنا لسابحتين اثنتين على وجه الخصوص، فقد كان من المقرّر أن يدور فلكهما في دوران فلكنا فبالتالي سيتسنّى لنا أن نقابلهما بعد طول غياب..

احداهما طويلة هادئة، واحداهما مليحة شرسة، ليس هذا وصفاً دقيقاً وإنما يلخّص للقارئ الجاهل ما لا يمكن تلخيصه، المهم أنهما الاثنتان آيتان في الحسن والشياكة، والظرف أيضاً، وغير هذه العبارات الغثّة لا أجد سبيلاً لتوضيح الصورة، قد حاولتُ ذلك سابقاً وعجزتُ عن الإكمال، عدد لا بأس به من التدوينات بدأتُ كتابتها وأنا قائل في نفسي: سأدوّن هذه المرّة بشأن هذه السابحة سبحا، أو تلك المدبّرة أمرا – لكنني كل مرّة تصيبني سورة من العكّ، وتنتابني نوبة من البواسير فلا يسعني المضي قدماً.. ولا غرو في ذلك، إذ أن مثل هذه الحكايات لا تنبت ولا تزدهر إلا في جلسات النميمة المنوّرة بأهلها والتي تدار فيها الكؤوس وتتبقبق فيها بنات المعدة والوجنتين. لهذا السبب ولأسباب أخرى سأكتفي بتلاوة بعض الكلمات والأقوال المنسوبة إلى احدى هاتين السابحتين، والتي كثيراً ما جرت على لساني ولسان رفيقتي ونحن بصدد التخطيط لطقوس العبادة والإشادة، مع العلم بأن هذه التلاوة تكاد أن تكون سلسلة من الطلاسم أطلقها من أجل تحضير الروح وإن غاب الجسد:

تستست انتو عارفين، الشوفير مش رفاهية، الدنيا فيها زحمة.. قلتله أنا متمكّنة من كلامي..
طلّاب كازوزة.. انتو عارفين.. يصول ويجول، الخ..

نعم، قالت: أنا متمكّنة من كلامي

فأصبحت هذه الكلمة الأخيرة – أنا متمكّنة من كلامي – شعاراً نهتف به عند الانتصارات الصغيرة منها والصغيرة جداً فهو يمثّل بالنسبة لنا تغلّب الإرادة الفردية الحرّة على تلك الظلمات الممتدّة في الطرقات والسلالم والأسانسير والصناديق حتى ليتساءل الظرفاء من القوم: ما هي الظلمات الممتدّة هذه؟ أهي غلال الليل قد انسدل على الأفق؟  أهي أَخْوَنة المواصلات العامّة والخاصّة؟  أهي التردّي الملحوظ في الذوق، والأخلاق، والحزق واللزق؟  أتكمن سرّها في تراجع الهنك والرنك؟  آهٍ، لكم كان الهنك – وكذلك الرنك الذي لا يبعد عن أخيه إلا بمقدار أحدثه المحدثون وغالى فيه المغالون في الأرطال والفراسخ والأفدنة والأشبار – لكم كان الهنك لطيفاً، هيّناً، أيام زمان .. فكنّا نكتفي بحبق الجسور، والسمسم المقشور، وخان أبي منصور، لكننا الآن أصبحنا في حيرة من الأمور، إذ انتشرت الأسماء وازداد عددها بحيث لم نعد نفهم ما الفرق بين المصّ قائماً، والمصّ قاعداً، واحتجبت عن إدراكنا الزمزمة الطارئة، والزقططة الخارئة: نحن الذين كنا نكتفي بدلج الليل، ولحس العتب .. تست تست، انتو عارفين..
[عدلي رزق الله]

أحقاً كانت تجري كل تلك السطور البنفسجية في بالنا حينما سمعنا العبارة الآنفة ذكرها؟ لا أدري. لا أدري سوى أن الأفكار من هذا الصنف أخذت تتزاحم وتتدفّق في خضمّ الأحداث والأفواه، والمؤكّد على كل حال أن سيّدتنا كانت وما زالت تثير فينا هذا التساؤل الذي أوّله التعجّب والإعجاب: هي متمكّنة، وظريفة، وبأسها شديد، لكن إلى أين مدى يا ترى تمتدّ روح التسامح – أو قل روح الانحطاط – الشبابي عندها؟ صحيح أن المثل بيقول: ياما تحت السواهي دواهي، لكن سيّدتنا دواهيها باينة، مما يدعو إلى الشك: هل الدواهي الظاهرة هي مجرّد طبقة بورجوازية تغطّي باطناً كله براءة وطهارة وعفّة وعفاف؟ والإجابة: لأ، والحمد للآلهة صيفاً وشتاءاً.  ثم طفر تساؤل آخر تمخّضت عنه سلسلة التساؤلات السابقة على غرار الحصى المجوّف قد غطس فقبّ: أيلزم أن يكون الانحطاط هو مقياس المحبّة عندنا؟  تساؤل ضاع وتذرّى في مهبّ الاستفاضات الزاخرة، فخفت أوار الشعلة الزئبقية التي كثيراً ما تنشع بشمعها الحيطان عند هبوط الساعة، وخاصة الساعة التي كنا فيها نسجّل هذه الأحداث والأحاديث وقد شحذنا عقولنا لهذا الغرض النبيل، وعندئذ، عندئذ فقط، وصلنا إلى المحطّة التي لا بد وأن نعلن فيها: أيها المعلنون فيهم، لنتذكّر كل ما جرى في هذا اللقاء التاريخي، بدءاً من ورود الخبر وثمراته، والتأكد من الأسماء في جدول الجعجعات، مروراً مفاجأتهنّ لنا على باب المحاكمة، ثم اشرئباب أعناقنا وتهلّل أبصارنا وتضارب أقمارنا في بعضها البعض لدى سماعننا لهنّ يغرّدن تغريدات انجليزية يرفرف لها القلب وتتلقلق من أجلها لقلقة التدثّر والاندثار .. وبعد ذلك كلّه: انطلاقة الفلّينة من رأس الشامبانيا! (!!)

وأخيراً أودّ أن أنفي تلك الشائعة المخزية التي انبثقت منذ عدّة سنين أنني الحرّ الفقير قد ألّفتُ رواية عن صاحبة هذه الأقوال، فها أنا أنفيها بشدّة، فلا شبه بينها وبين شخصية الرواية، ولا وثيقة توثّق حتى أصل هذه الكلمات أو تثبت نسبها إلى السابحة سبحا المذكورة.

ذكر لبعض الألفاظ والإشارات التي تصدّع بسببها ذهني وتشوّش عقلي وراح بالي يبول على نفسه إلا أني سعيد بأنني لن أضطرّ إلى سماعها بعد اليوم

أعذار أعذار أكثر من اللازم مقاومة أو تصدٍ قال هذه مقاومة أنت تقاوم أو تتصدّى الرقيّ فض الالتزام الضيعة ثم عيون مرفوعة إلى أعلى على الطريقة الجنبلاطية ، دلالة على ايه بالظبط؟ يعني طظ؟ يعني ان ليك رأي تاني؟ دخيلك قوللي، قال نرفع بهم إلى مستوانا لم يفعل بهذا البحث شيئاً مفيداً دول بتوع ما بعد الاستعمار بل نريد أن نتجاوز السيدة فلانة الضيعة الجدليات السلبية الضيعة  المشاعر المتشكّلة الجدليات السلبية والمشاعر المتشكلة الضيعة "وتقعد و.." ، وايه يعني وقال مشاعر متشكّلة وجدليات سلبية ثم لعبة العيون لفوق لأ طيب لأ خلص.. لأ لما يلؤّك.. ، اقفل الوسوسة، افتح الوسوسة، اقفلها وافتحها وهكذا دواليك، هذا ليس عذراً، أصحابك دول، هل تريد أن تقول شيئاً عن السياسي والأدبي،  "وتقعد و.." خلص.. وعندك مشاكل مع أبوك، الخ،وحياة الطفيليين صيفاً وشتاءاً (اختراع من عندي) أعذار أعذار أعذار جك قرف

لا أحبّ الهجاء، إنما أنجذب نحوه وهو يجذبني إليه،  (ولا أقصد شخصاً حقيقياً من هذا الهجاء، أو أشخاصاً حقيقيين، لأن الذمّ بطبعه يوجّه للأوهام والمخاطر المخيلة للنفس المتحمسة المقدامة) (تم تدوين هذا الفصل أثناء الإعصار وقد ضاقت بنا السبل وحبسونا في وكر أحد الملاعين أبعد عنكم كأسه)
وكفى في هذا الباب..

فصل آخر في إطلاق الشامبانيا

وإذا كنّا قد أوجزنا في مدح السابحتين المذكورتين أعلاه فهذا لا يمنع أن نغدق عليكم بالمزيد من السوائل.. فوصلنا إلى قمّة الطقوس وأوج الشعائر حين إطلاق الفلّينة من رأس الشامبانيا، مما أحدث فرقعة صافية لفتت إلينا أنظار الجهابذة من القوم ونحن لا نبالي، فانبثق البثق وعبعبنا الطوفان، وتلألأ الليل واستبدّ بنا الطرب والجرب،

قالت الأنا الصغيرة: نحن طفيليون! أو طُفَيْلِيَّانِ، وهو الأصحّ

فصل ما لا يفصل

وقال حسنين زعيم الجعافرة في بتوع الهيصة والميصة: وتراهم كغيرهم من أبناء الحداثة البارّين يخصّصون أماكن للجدّ وأخرى للهزل، إلا أن الجدّ هو المهيمن المسيطر إلى درجة أن الجاحظ لو بعثت فيه الحياة من جديد لانتحر في الحال وكله حسرة وانقباض. لكنني أبالغ كثيراً (!) في قولي هذا، بينما تكمن المصيبة الحقيقية في مناسبة الهزل المخصصة التي هي عبارة عن صخب وعربدة لا هدف واضح لهما سوى تمجيد تجّار المزيكا المصاصين للأرواح والهدّامين للأذواق..

أجل وأسفاه، لكم يحزّ في النفس أن تتحوّل هذه المناسبة الهزلية الواعدة إلى مهزلة شوهاء ومسخرة بلهاء يقودها من أربئ به عن مثل هذه الشعائر الدنيئة، وأظنّ اسمه بلال شدّاد أو اسم من هذا القبيل، فهو منذ عدّة سنوات يبثّ علينا طراطيش عمرو دياب ونانسي وعاصي الحلاني ومعرفش ايه، ألا يدري السيّد بلال – بل المؤكد أنه يدري فهو واسع العلم شاسع الحلم – أن جميع هذه الأصوات إن هي إلا كوابيس سامّة، فلول، من العصر البائد والنظام الفاسد، وكان الأجدر بها – ألا تدري هذا يا سيّد بلال؟ جعلت أنا فداك – كان الأجدر بها أن يجرى لها ما جرى لمبارك والقذافي وبن علي؟ (؟) وفي سنة الثورة 2011، لم نسمع منه إلا أغنية ثورية واحدة (بعيداً عن الهزار، حبيت الأغنية جداً)، ثم في هذه السنة ألفين واتناشر لم يكن لنا نصيب من هذه الناحية إطلاقاً بتاتاً نوو خالص، وإنما بُثت علينا تلك الدودة الأذنية الغازية من كوريا الجنوبية .. (؟!).  وكفى قوي في هذا الباب. كفى قوي صراحة

فصل الفيصل والفاصوليا..

قال من أذرْته الحروف على حين غرّة وعرّة: وكأن كل مشاكلنا مردّها الحداثة وآهٍ يا حداثة لكم ظلمناك .. متى ندفن شبح الحداثة؟ قال: لنبدأ بدفن المصطلح ومسحه من قاموسنا الآكاديمي واليومي الله

فصائل .. الفصللة (؟!) الله

هذا وقد تلعلع الهودج في مناكب الكوثر،(1)
          ///// وفسق الودود عن قشرة الخشخاش(2)
فتوالى الموج على سوسن الردى(3)
          ///// وجفى عن شكلنا الماء والحاء(4)

قل: رُدّ لنا ما سلب، وأَنِرْ (أير، أير) ما تعكّر من جرّاء الفسق. ثم وجدنا الوريقة التالية وقد كُتب عليها وفيها وعلى متنها ما يلي: هوسر بوسر جاءتك البواسير صيفاً وشتاءاً، أيتها المؤامرة





---------
(1)  قوله "هذا وقد" عبارة متداولة في الأخبار الفضائية ، ثم قوله "تلعلع" كلمة اكتسبها من احدى القصص العامية وتم البحث عنها في قاموس هايندز وبدوي وتم استثمارها أكثر من مرة في موضعه وفي غير موضعه، وقوله "الهودج" كذا في الأصل، وقوله "في مناكب" وهو مقطوع من العبارة الكاملة في مراكب الأرض وتم استبدالها بالتعبير إياه، وقوله "كوثر" نهر أو نبع في الجنة واسم لبقّالة في حي لوران في الإسكندرية
(2)  وقوله "فسق" أي خرج وهو المعنى الأصلي للكلمة، ثم قوله "الودود" وهذا للإيقاع فقط، ثم قوله "قشرة الخشخاش" لا ندري لكن أغلب الظن أنه إشارة إلى زهرة الخشخاش، رواية لخيري شلبي برّد الله ضريحه صيفاً وشتاءاً
(3)  وقوله "توالى" من المحسنات البديعية، و"الردى" أي الموت، كلمة تعلّمها من بدر شاكر السياب ذي الوجه المستطيل والشنب الأكثر استطالة
(4)  وهذا السطر الأخير مستعار بتصرّف من أبي نواس، وقوله "الحاء" إضافة، إشارة منه إلى الأصوات التي قد تنطلق عن غير إرادة أثناء تلاوة هذه القصيدة قدام الجمهور، وكفى في هذه الهوامش