17 أغسطس 2008

تباشير الأمل وبواكير الحَبَل

تباشير الأمل وبواكير الحَبَل


ربما أتفاخر بكوني من القلة القليلة التي ما زالت تنصر التواضع من دون سائر القيم. آه مانا عارف، التفاخر بالتواضع شيء يصعب استيعابه ويتعذر هضمه، ولكن المهم أن تعرفوا انني أعز التواضع وأعتبره من أكثر القيم غياباً في مجتمعاتنا اليوم ومنذ زمن موغل في القدم... سأضرب لكم أمثالاً عديدة لذلك في وقت لاحق، لكن يكفي القول هنا أن تواضعي هذا يولّد التشاؤم ويمنعني من الادّعاء، ورغم ذلك سأدّعي بل سأصرخ بأعلى صوت: النصرة آتية! فانتبهوا.

ذلك أنني لا أستحي أن أقول انني فرحت فرحاً متواضعاً عندما بلغنتي الأخبار المستمرة عن ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة، مما شجّعني على التكهن بتباشير الأمل وبواكير الأمل، ومن ثم القبول بفكرة غير متواضعة وهي وصول النصرة عما قريب.

اذ أن الارتفاع في أسعار النفط يؤدّي أول ما يؤدّي الى هلاك ما لم يكن أصلاً مستحقاً بالوجود، أي ضواحي المدن على الطراز الأمريكي.
الضواحي: ما هي بمدن وما هي بأرياف.
هي لمبوس، كائن شاذ، لا انتماء له ولا ولاء سوى لقوى الاستهلاكية الكبرى.
بيوت منعزلة عن بعضها البعض رغم تشابهها التام، فهي مصوغة من قولبة واحدة لا تتغير ولا تنحرف، حتى يضطرّ المسكين الساكن فيها الى أن يتساءل: هل أنا هنا، أم هناك؟
استحالة يا ناس أن تصلوا فيها الى أي مقصد من دون الاستعانة بسيارة كبيرة، ملوثة.
سيارة النفط والانحلال!
هناك في الضواحي، لا أمل للرغبة ولا قبول - سوى لرغبة الإسفاف وأتفه الأهداف.
احتكارات، شركات تعيث فساداً لا تلوي على شيء ولا حتى جثث الحيوانات الضالة وغير الضالة. مطاعم ومحلات في كل مكان هي هي. عقم، عقم شديد البأس. تحفظ ضال في عادات وتقاليد لا تلد ولا تولد وليس في صلبها أحد.
عناصرها ومكوناتها لن تجد فيها غير الخرسانة والورق المقوى ومواد أخرى لا تسمّى ولكنها حتماً تدمر الصحة وتسبب السرطان.
تنتشر انتشار العدوى الفتاك، تتفشى، تستشري بلا هوادة. تخنق حياة المدن وتشنق الأرياف.

فلا دمعة تراق من أجل ضياع الضواحي على الطراز الأمريكي، أما أنا فمبسوط في الأمصار الغاصّة بالسكان، فيها الرفاق والاتصال بالبشر، والثقافة، والخصوبة (و من ثم كلمة "حبل" اللى حطيتها في العنوان).

هناك 3 تعليقات:

  1. يعنى طبعا حضرتك واضح انك رومانسى وبتحب الوطن ومصر والمصريين والروح الصمرية
    واللمة الحلوة والعمارة الكلاسيكية القديمة بتاعت العصر الكولنالى اللى مرشقة في وسط القاهرة
    جميل جدا
    استمتع بكل دا وحافظ على رومانسيتك
    أما سكان الضواحى فبصراحة عمرهم وعمرنا ما بنهتم بكل الاعتراضات الرومانسية بتاعتك دا
    ليه:
    1- علشان احنا جامدين
    2-علشان احنا هنورث في الاخر الارض وما عليها
    3-علشان البقاء للأصلح

    ردحذف
  2. أما بخصوص البنزين وارتفاع اسعاره وقدرته قال ايه على القضاء على الضواحى
    هاهاه
    فاسمح لى يعنى
    هاهاهاهاه
    دا كلام مضحك جدا
    مقدرش ارد عليه
    غير
    بنياه نياه نياه

    ردحذف
  3. أنا مرة حاولت أشم ريحة الرومانسية ديت لقيتها زي ريحة - لا مؤاخذة - ريحة الجلّة بكسر الجيم. رحت الدكتور قلتله يا دكتور كل اما أشم ريحة الرومانسة أبقى عايز - لا مؤاخذة - أرجّع، عشان كده يا دكتور بقيت أخس قوي أعمل ايه، قاللي ماتخافش، عادي جدا، أصل الدنيا كلها مليانة رومانسية، عندك مثلا المسلسلات البضينة، دراما بالهبل، نصف ربيع الآخر وناس عمالة بتفقع بالصوت مش عارف ليه، حاجة تقرف بجد... وعنها وراح كاتبلي الروشتة:
    بارامول مرتين في اليوم، انتاتريكس تلات مرات قبل الوجبات وبعدها، واشرب لمون.

    ردحذف