22 يوليو 2008

أضغاث أحلام وأمطار ريحان

أضغاث أحلام وأمطار ريحان


(أنشر هنا قولاً مقتضباً حاولت نشره في جريدة الدستور السنة اللي فاتت، طبعا رفضوا أو بالأحرى لم ينتبهوا، فها أنا أنشره بوسيلتي الحرة)

هل يعقل يا ناس أني وجدت نفسي في يوم من الأيام أمضغ ورقة ريحان، وإذا بها تفرز في فمي مرارة الحنظل الثقيلة، فأًسقط في يدي وأُغمي عليّ في الحال. هكذا ومن دون سابق إنذار انتابتني أضغاث أحلام لا تعرف للوصف البسيط سبيلاً. ذلك أن ورقة الريحان تلك، كما خيل اليّ، شرعت في عضّي ومضغي أنا. نمت لها أسنان، لا بل أنياب، لا تسمح لي غير يأس الاستغاثات المكتومة في حلقي. المقاومة لا جدوى منها، فها أنا أحيل الى شذرات خضراء تتمزق وتتشتت حتى تعاد صياغتها من جديد في معدة المسخ المشار اليه أعلاه. على رأسي تمطر من حين الى آخر سوائل الهضم وأحماضه، لكني ما زلت غاطّاً في سبات عميق، غير قادراً على إيقاظ نفسي وإنقاذ روحي، أو ما تبقّى منها. حاولت عبثاً لملمة أعضائي المبعثرة السابحة في الهزيمة، ومع ذلك كله استمسكت بوعي الأحداث وهي تمرّ أفزع مرور. يا أيها أكلة الريحان حذار، فلئنّ مكائده لا تعدّ ولا تحصى، ولا تخطر على أحد ببال. عود هذه الورقة أخذ في الإطالة والتصلّب، وجعل يرشق بجذوره في فجوات البلاط. هذا المسخ العنيد يستوعبني كي يعيد لنفسه الحياة من جديد. الإحياء والتجدّد التلقائي. التطفّل. وهل يعقل بعد ذلك، أن ورقة المسخ الريحاني جرعت جرعة قهوة، إذ معروف أن البنّ عدوها اللدود، فأفقتُ. لكن مهلاً، فأنا الآن يخامرني طعم ما، ويخالجني لون ما. الطعم هو الملح واللون هو لون الأسود. أنا حبر، مثواي الورق. فلتكتبوا بي. وكلما اقتربتُ من الكلمة الآتية، توجست. كلمة تستنزف بها دمي. أو حتى نقطة، وإن لم تحملها فاء أو خاء، إذ في ذلك هلاكي، شيئاً فشيئاً. فأنتبه الى أنني قد غدوت مادّة هلامية لا يقرّ لها قرار، بل انتبهت الى ذلك قبل سطور عدّة، لكن دعنا نرجع اليه في الحين، عسى أن نعثر في التكرار على مفوّق لغوي يوقظني. اشرب القهوة إذن اشرب! وشربتُ. فشربَتْني! لا يا أصدقائي لا أمزح، انما أترك الحبل على الغارب كما يقال، أترك للكلمات أن تمازحني أنا حتى استيقظ من كابوس ما، أو أغطّ في حلم ما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق