18 ديسمبر 2010

المحيط الفشري في شرح كلام عالبحري

المحيط الفشري في شرح كلام عالبحري

الحسّ التعليمي عندي قوي جدا، جاء بعض القرّاء وقد استبدّ بهم الحيرة والالتباس، فأخذوا يضربون أخماساً في أسداس، وسألوا عن وضعي بين الجنّة والناس.. والأمر طبيعي جداً، نظراً لكثرة الطلاسم التي أنطقها، ووفرة الأحجبة التي أكتبها، وطفرة المسوخ التي أطلقها.. أو لا أطلقها.. وهكذا.. (يعني إيه "المسوخ التي أطلقها"؟!) *

تروّيت في الأمر مليّة، قلبت الأقوال على أوجهها الشتى، حلّلت وفسّرت، تأمّلت وتفكّرت، ثم قلت في نفسي: فالأؤلّف قاموساً، يوضّح ما غمض، ويكشف ما خفي، ويصفّي ما تعكّر، الخ. وقد يشكّ البعض في الفائدة التعليمية المستخلصة من مثل هذا النصّ، أي القاموس، والذي لعب دوراً على مدى التاريخ في ترسيخ مفهوم اللغة الواحدة، التي تمتلكها أمّة واحدة، التي تحكمها طبقة واحدة، هي طبقة النحويين والجنرالات.

لكن ليس القاموس لوحده مسؤول عن هذا الظلم والإجرام، فقد يرقد صامتاً منسياً بين مجلّدات بعضها تنطق، وبعضها تصفّق، إلا أن كل كلمة مسجّلة فيه تحتاج الى رئة، وهذه الرئة تحتاج الى حنجرة، وهذه الحنجرة-الرئة تحتاج الى إنسان عاقل يقبلها – أي الكلمة – أو يرفضها، حسب تواجد العناصر المؤثّرة الأخرى (وهي غير جانبية) من متكلّمين ومقيّمين وصناديق سوداء، أو غير سوداء.. ثم ان بعض القواميس أصبح لها جمهورها، بل جماهيرها، يتسارعون في اقنتاء أظرف معجم وأحلى محيط وأجمد قاموس ليزيّنوا به رفوفهم العراة! فيغدو بذلك وسيلة من وسائل الانتماء الاجتماعي، يصبّ في صيغة من الصيغ المتداولة: أمة أو طبقة أو وظيفة أو جملة أحاسيس خيالية، الخ. فالقاموس اذا أريدَ له ان يسري مفعوله – أن يخبّ ويتموّج ويزخر ويتعبّب – اذا أريدَ له هذا، باختصار، فيجب أن يكون له حلفاء: من الأنهار والسواحل، من الأفراد والقوافل، من الجنة والناس.


لكن كفانا بؤساً ، فأقدّم لكم قاموسي الكبير، المحيط الوفير، دون المزيد من المقدّمات:


هرش بفتح الهاء وسكون الراء هو الحكّ والحسّ واللمس واللعق، وسببه القمل والنمل والبرغوث والجراثيم، لكن حصيلة كل ذلك هو الفهم، أي الإدراك، فيقوللك مثلا: انت هارش؟ آه، أنا هارش. والمقصود نعم أنا أفهم قولك وأتبيّن غرضك ونحو ذلك.

انحطاط على وزن انحراف أو انفشاخ هو من النشاطات المستحبّة والأحوال المستغثّة في الحياة البوهيمية، وله أشكال عدّة منها: مؤانسة العدار والقطرب والجندب واللون البنفسجي، وكذلك التورّط في بعض أعمال الهنك والرنك، ثم تناول كوكتيل المنفلوطي.

ترقيع على وزن تعوير أو زمهرير وهو كل ما يُلحق بالجسد أو يتحالف معه بطريقة أو بأخرى، ومنه السجع فقد قال الشدياق إنه "للمؤلّف كالرجل الخشبية للماشي"

حسحس هو الرئيس محمد حسني مبارك، وبس

زقططة هي نوع من أنواع العطر الغالي ثقيل الرائحة نفّاذ البائحة وهو يصلح لدهن الحيطان أو أن تلطّخ به الرصيف عند منتصف الليل، فقط منتصف الليل أو عندما تسمع ثغاء النعجة أو رغاء البجعة فتجنّبك بذلك شرّ المتربّصين آمين..

كونياك على وزن تنباك ومتناك وماذا دهاك وهو كصوت العندليب أو عصارة الجعضيض ومنه نوافع كثيرة


وهذا قليل من كثير فالقاموس الشامل اتجوز الجاموسة الحامل وجابوا كلام كتير ملوش لزمة..


---

* لعلّني أذكر بمناسبة المسوخ أني أقرأ الآن مقدّمة ثروت عكاشة لترجمة "مسخ الكائنات"، الدكتور ثروت كما فهمت من تجوّلي في مكتبة كوكب عنبر له العديد من الترجمات التي يدّعي تأليفها. ثم لا بدّ أن أذكر هنا - بمناسبة المسوخ - بعض مما أتى في كتاب رامة والتنين فيقول " كانت قد جاءت قبل موعدها. لم يكن يرى شيئاً غيرها - وكان لها جمالها الذي يؤلم، هل الحب هو هذا الألم؟ في وسط ميدان التحرير الغاصّ بالوحوش والمسوخ " (8-9) ويقصد بذلك طبعاً الإساءة الى موظّفي المجمّع وطلاب الجامعة الأمريكية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق