03 مارس 2010

غرضه الهجاء: الخطوة الثالثة

غرضه الهجاء: الخطوة الثالثة

الآن، بعد مرور نحو أسبوعين على بداية هذه النزهة، لقد أخذ التنمّل يستشري في القدمين، وكشف الدهر عن ظلم وضيم، ونحن لا نعرف غير البلل والملل وذوق الأمرّين
.

الجزمة موجودة، وهي غير موجودة. حاضرة في غيابها، حاضرة في جزميّتها: هذه الجملة تفرز سائلاً بنفسجياً نتناً، بتضرب السبعة ونصّ.

فترة التأمل والتدبّر قبل الكتابة: وهمٌ أشاعه الكتاب المطبوع!

غادرتُ قسم الشرطة، مشيت قفايَ يقمّر عيش.

نزلت الى جادة ميشيجان المضيئة، أبحث في الشوارع عن السيّدة نادية. أتفحّص في الوجوه المتجهّمة، أسترق النظر الى الشنط الحريمي، علّني يصادفني الحظ، فيطلّ من احداها رأس الكلب الصغير الذي يتمتّع بحذائي المسلوب.

بدأتُ أشكّ في هذه القصة.. حين رأيتها!

السيّدة نادية تخرج من سيّارة مرسيدس وبرفقتها شاب اسمه غسان، يتهيّأ لي أنني رأيته من قبل. بل المؤكّد أنني رأيته من قبل، اذ كيف عرفت اذن أن اسمه غسان؟

كل هذه التفاصيل الصغيرة لا تهمّ: الأسماء، المكان، السيّارة. المهمّ هو حذائي.

نعم، هذا الشاب اسمه غسان، وهو مقيم مع السيّدة نادية في عمارة رقم 2 المواجهة لبرج هانكوك في شيكاجو. وهو الذي دلّ البوليس على المصوّر المدعو وائل لاظوغلي (اسم غريب لإنسان غريب) الذي له أستوديو الى جانب مدخل هذه العمارة. عميل مأجور من قبل أطراف عدّة، أهمّها مديرية الشرطة العليا.

كيف عرفت هذا، كيف ألممتُ بكل هذه التفاصيل؟

لقد وصلني عبر البريد ظرف يحتوي على شيئين: الأول رسالة مكتوبة بخط اليد، والثاني قصاصة رباط اُقتلعت بلا شكّ من الحذاء الضائع المسلوب!.. وهي منقوعة في لون أحمر داكن، أظنّه الدم المراق منذ وقت قصير جداً.

لمستها بإصبعي، فنبضَتْ مفرزةً القليل من الدم.

ما شغفك بالدم هذا؟ يا أخي أنا لم أخترع هذه الأشياء، إنما أتت هكذا كما خلقها ربّها! اهدا بقى ربنا يخليك. المهم، يا أنت، أن هذا الظرف لما فتحته كان فيه الى جانب الرباط رسالة موجّهة اليّ مفادها:

سترى غسان وهو يخرج من عربية مرسيدس بصحبة إمرأة ظريفة اسمها نادية. السيّدة نادية. ولك أن تتخيّل كيف تآمروا عليك، فلم يكتفوا بتحريمك من الحذاء وتركك للموت على شاطئ الإسكندرية الخرسان، بل ذهبوا الى أن يقلبوا على رأسك تفاصيل هذه القصة، مكانها وزمانها، فتحوّل البحر الأبيض الى بحيرة ميشيجان، وحيّ لوران الى برج هانكوك، ثم تركوا بعض التفاصيل كما هي، علشان تتلخبط وتقوم تشكتي همّك لأمّك يا ابن المفترية..

وهنا توقفتُ عن قراءة الرسالة، وكرمشتها بين يديّ وطلّعت الولّاعة وولّعت فيها النار. ثم أخذت أدهسه بقدمي الحافي، الحاكي الحكيم.

[نواصل فيما بعد!]

هناك 4 تعليقات:

  1. زُن6:52 ص

    طب انا شايفة مشروع رواية هون يا بن بن حبنا...

    ردحذف
  2. نورتينا يا زن يا حبيبتشي يا قمر!

    يا مية مرحبا

    وعلى رأي المثل

    اذا رأيت نياب الليث بارزة
    فلا تظنن أن الليث يبتسم

    ردحذف
  3. اتابع بشغف. لغتك العربية جديدة تماماً.

    ردحذف
  4. مرسي يا ربيع

    كلّك ذوق

    الف مرحبا بك

    ردحذف