30 مارس 2010

غرضه الهجاء: الخطوة الخامسة

غرضه الهجاء: الخطوة الخامسة

تتلاقى الأشياء، ثم تتباعد. وقد تتلاقى مرة أخرى، أو لا تتلاقى. ولا يرى الغيب إلا الله آمين.

شيء لا يُصدّق

لا يثبت له شاهد

ولا كل الشهود

بسطتُ قصاصات الورق أمامي، وقرأت:

تلك الأحلام التي أرى نفسي فيها عابرا البحار، ثم أصل الى القارة المسماة بالوطن لكن دون أن أعرف كيف وصلت؟ وبأي مطار عبرت؟ ولا أتذكر أي شيء عن الرحلة، فقط أني كنت هناك، والآن أنا هنا. رددت هذه الجملة الأخيرة عدة مرات بصوت مبكٍ، بينما أمي تستمع الي وتكفكف دموعي بعطف وحنو.

وهناك أحلام أخرى تتكرر بنفس الرتابة والإصرار، أرى نفسي فيها في نفس الشقة لكن هناك غرف أخرى، والشارع فيه محلات أكثر. يمكنني أن أداري نفسي فيها درعاً لهجوم المتوحشين أمثال رود بلاجويفتش، ولورن برلنت، وشخص اسمه برعي.

هكذا إذن، بدأت السيدة نادية ترسل اليّ كل يوم سبت، ظرفاً أحمر يحتوي على أضغاث أحلامها، لماذا، لا أعرف، كيف، ليس مهماً، متى: كل يوم سبت، في آخر الليل، وأنا نائم أو شبه نائم. أطارد الذبان بيد، وباليد الأخرى أصفّق في الهواء أسوة بأهل السرك والطرق الغجرية. إمرأة ثلاثينية، أو ربما ستينية - لا فرق - هي شيخة منصر على ما يبدو، تتحكّم في عصابة من عصابات شيكاجو الشرسة. يعني هي فاضية علشان تلعب بيّ؟

لكن هكذا صارت الأمور، فاختارتني أنا دون غيري، إنساناً تروي له أحلامها الملتوية السوداء. انتقتني، أو قلْ اصطفتني، دون عشرات البشر المسالمين، الخائفين على أحذيتهم. يعني مستقصداني ليه الستّ دي؟

هذه لعبة غريبة جداً. أن تقوم بتشليح شخص ما من حذائه، فتدمّي له وجهه، وتهدّده بالقتل اذا ما حاول استرجاع ملكه وحقّه. ثم تراهن، بناءاً على ذلك، أنه سيستقبل برحابة الصدر تلك الظروف الحمراء التي تنطوي على أحلامك - بل كوابيسك - التي تخشى البوح بها الى أحد غيره. هذه لعبة غريبة جداً، تفتقر الى أي أساس من المنطق. ومع ذلك فهي لعبة ناجحة. بدأت حقّاً انتظر بلهفة وشغف تلك الظروف الحمراء، التي تتجلّى كأن من لا شيء عند حافة السرير، كلّما أصحو من النوم، في يوم السبت.

يأخذني الكرى، يتملّكني النوم، أغط في سبات عميق. أغفل للحظة، أغفو لبضعة دقائق. يرتجف لي جفن. في كل الأحوال، حين أفتح عينيّ، أجد ظرفاً أحمر يستلقي هناك، مصمتاً. شرط أن يكون يوم السبت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق